الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صيد الأسماك في المناطق التي تمنعها الدولة

السؤال

هل صيد الأسماك في المناطق الممنوعة التي تمنعها الدولة حرام أم حلال؟ مع العلم أن السمك موجود في دائرة حكومية أي على سد على نهر الفرات؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيجوز لولي أمر المسلمين المنع من الاصطياد ومثله كل مباح حسب ضوابط شرعية وفي حالات مخصوصة ومحددة بهدف تحقيق مقصد شرعي، وعلى آحاد الناس التزام ذلك المنع ومن هذا الضوابط ما يلي:

أولاً: أن يكون فعل المباح مؤدياً إلى ضرر أو حرام، فلمن له ولاية منع حصول الضرر، أو المحرم، مثل منع الاصطياد مدة معينة أو لنوع معين لما يسمى بالراحة البيولوجية ونحوها، وهذا فيه مصلحة عامة وتجاوزه يؤدي إلى حدوث ضرر بنزوح الأسماك أو ندرتها ونحوه، فجاز المنع منه، وهذا كله يندرج تحت القاعدة الشرعية: منع الضرر والإضرار.

ثانيا: تنظيم المرافق والأموال العامة التي يشترك فيها المسلمون، حيث ثبت بالسنة أن ما كان من مرافق المسلمين فإنهم يشتركون فيه نحو الماء والكلأ والنار والطرق العامة والصيد ونحوه، وما كان كذلك، فإن تنظيمه متروك للدولة لتحقيق المقصد الشرعي بعدم اختصاص أحد دون أحد فيه، وتحقيق صلاح المسلمين بتوزيعه، ولها عندئذ الإلزام أو المنع من بعض أفراد المباح على الوجه الشرعي، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم: حمى البقيع، واسترجع إقطاع أبيض بن جمال لمنجم الملح لحاجة الناس إليه، ووزع أموال حنين على المهاجرين لفقرهم، وعلى المؤلفة قلوبهم دون الأنصار رضي الله عنهم جميعاً، وأمر بجعل الطريق سبعة أذرع لتنظيم السير فيه، وقضى بحكمه في السيل بأن يرسل الأعلى على الأسفل.

وحمى عمر رضي الله عنه الشرف والربذة. إلى غير ذلك من أمثلة تدل على أن للإمام أو الدولة التدخل لتنظيم المرافق والأموال العامة التي يشترك فيها المسلمون، لتحقيق مقصد الشرع في ذلك.

ثالثا: تنفيذ فروض الكفاية المنوطة بالدولة، حيث جعل الشرع تنفيذ بعض فروض الكفاية منوطاً بالدولة، كجمع الزكاة والجهاد ونحو ذلك، فللدولة حينئذ وضع تنظيم بالمنع والإلزام لمن يتعلق بهم ذلك، فقد شرع النبي صلى الله عليه وسلم الاكتتاب للجهاد، وألزم من اكتتب بالحضور وعدم التغيب إلا أن يؤذن له.

وكان عثمان رضي الله عنه يحدد شهراً معيناً لجمع الزكاة كما ورد بالموطأ. ولهذا ما كان من فروض الكفاية المنوطة بالدولة فلها تنظيمه بالإلزام أو المنع، لتحقيق إقامته وفق الشرع.

وبناء عليه، فلا يجوز تجاوز منع الدولة من اصطياد أسماك معينة في فترة المنع لما يحققه ذلك من مصالح ولما قد يؤدي إليه تجاوزه من مفاسد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني