الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من نسي النية في الوضوء

السؤال

ما حكم من توضأ ونسي أن ينوي، هل يجب عليه إعادة الوضوء دائما؟ هو ينوي لكن هذه المرة نسي النية من غير قصد؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان المقصود أنه ترك التلفظ بالنية فهذا لا يضر، فإن التلفظ بالنية غير مشروع عند كثير من العلماء لكونه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو الأقوى، ومن قال بمشروعية التلفظ بالنية من العلماء فإنه لا يجعل التلفظ بها شرطا.

قال في الروض: ومحلها -أي النية- القلب والتلفظ بها ليس بشرط. انتهى.

بل إنه لو تلفظ بخلاف ما في قلبه فالعبرة بما نواه بقلبه لأن محل النية القلب.

قال النووي: لو قال بلسانه: نويت التبرد ونوى بقلبه رفع الحدث أو بالعكس فالاعتبار بما في القلب بلا خلاف. انتهى.

وأما إن كان المقصود أنه نسي نفس النية بالقلب فهذا بعيد جدا، ويشبه أن يكون هذا نوعا من الوسوسة، فإن النية هي عزم القلب على فعل المنوي، ولا يتصور أن هذا الشخص فعل أفعال الوضوء على وجهها المشروع إلا وهو ينوي الوضوء.

قال الشيخ العثيمين رحمه الله في شرح الأربعين النووية: فيستفاد من قول النبي صلى الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات " أنه ما من عمل إلا وله نية , لأن كل إنسان عاقل مختار لا يمكن أن يعمل عملا بلا نية , حتى قال بعض العلماء: لو كلفنا الله عملا بلا نية لكان من تكليف ما لا يطاق. ويتفرع من هذه الفائدة الرد على الموسوسين الذين يعملون الأعمال عدة مرات ثم يقول لهم الشيطان : إنكم لم تنووا . فإننا نقول لهم : لا , لا يمكن أبدا أن تعملوا عملا إلا بنية فخففوا على أنفسكم ودعوا هذه الوساوس . انتهى.

ولو فرضنا صحة هذا وأن هذا الشخص لم ينو الوضوء أو كان نوى التبرد أو نحو ذلك فإن هذا لا يجزئه عن الوضوء الواجب شرعا، لأن النية من شروط صحة الوضوء أو من أركانه عند جمهور أهل العلم خلافا لأبي حنيفة رحمه الله، والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات. متفق عليه.

فلو فرض أن هذا الرجل نسي النية للوضوء فواجب عليه أن يعيد ذلك الوضوء، ويجب عليه كذلك عند جمهور العلماء إعادة الصلاة خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية فإنه لا يوجب الإعادة على من ترك شيئا من شروطها أو أركانها جاهلا إلا إذا كان وقت الصلاة لا يزال باقيا، وكل صلاة واجبة صلاها به.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني