الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خصه أبوه بمال دون أختيه فهل يصح اعتباره من ميراثه منه

السؤال

نرجو من فضيلتكم سعة الصدر في قراءة جميع القصة حتى يكون الحكم بالنسبة لي لا خلاف فيه: في السابق كان لي أختان مقبلتان على الزواج، فأراد أبي أن يجهزهما ـ وكما تعلمون ـ عندنا في مصر غير قادرين على تجهيزهما نقدا، فدفعنا مبلغا كمقدمة وباقي المبلغ على 20 شهرا كل شهر ندفع 600جنيه ويبقى قسط كامل: 5000 تدفع مرة واحدة، مع أنني أنا العائل الوحيد للأسرة، لتقدم أبي في السن وأنا متزوج وعندي طفل فوافقت إرضاء لأبي وأمي وإخوتي وتم دفع بعض الأقساط، وفي أثناء ذلك كنت قد قدمت على قطعة أرض لأبني بيتا، وقد تم تخصيص قطعة لي واستلمتها ومحددة بمدة للبناء وشروط من قبل الجهاز، فأشرت على أبي ماذا أفعل؟ حيث لا يبقي شيء من المرتب بعد سداد القسط والمصاريف، وبعد تفكير قال لي سوف أبيع لك ثلاث قراريط بما يعادل: 20000جنيه، فقلت له لا ينفع هذا، لأن أمي وإخوتي لن يرضوا بذلك، فقال أنا لا بد أن أبيعها ـ سواء كان لك أو لسداد الأقساط ـ لأنك لا تقدر أن تسدد وتبني في نفس الوقت، فخد الفلوس وابن بها وسدد أنت الأقساط، فتم ذلك وغضبت أمي وإخوتي، ولكي أرضيهم قلت لهم اعتبروا هذا من ميراثي، فرضوا وبعد ذلك أعطاني أبي: 15000 من ثمن 3 قراريط، وصرف 5000 على زواج أختي الأخيرة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنجمل جواب سؤالك في نقاط مثلما أجملته في نقاط فنقول:

أولا: تنازلك عن الميراث لا اعتبار له، لأنه لم يثبت بعد حتى يصح التنازل عنه وقد لا يثبت، لأن الأعمار بيد الله ولا يعلم السابق من اللاحق ولا المتقدم من المتأخر، ومال المرء يبقى في ملكه ولا ينتقل الحق فيه للورثة إلا بعد موت المورث، والموت ليس له وقت معروف محقق إتيانه فيه، والعمر ليس له حد يبلغه صاحبه حتماً، بل إن مكان الموت مجهول للشخص، قال الله تعالى: وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ.

{لقمان: 34 }.

وقد يموت الصحيح الذي لا يشكو أي مرض قبل المحتضر، وقد يموت الشاب اليافع القوي قبل الشيخ الفاني، وقد يموت الولد قبل والده، بل قد يموت الحفيد قبل جده.

وبالتالي، فقولك إن ما دفعه إليك والدك يعتبر في مقابل نصيبك من تركته لا اعتبار له، وإذا مات والدك فأنت كسائر الورثة في التركة إلا أن تتنازل عن حقك حينئذ.

ثانيا: ما دفعه إليك والدك من ماله على سبيل الهبة والمعونة فيما تسدده من أقساط لايلزمك سدادها، وإنما أنت متبرع بها، فلا حرج عليك في قبوله ولا حرج عليه هو في دفعه وتخصيصك به، ولا اعتبار لمعارضة أمك أوإخوانك، لأن للأب تخصيص أحد بنيه دون الباقين إذا كان ذلك لمسوغ معتبر شرعا، قال ابن قدامة ـ رحمه الله: فإن خص بعضهم بالعطية، لمعنى يقتضي تخصيصهم مثل: اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو أكثر عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل ـ فقد روى عن أحمد ما يدل على جواز ذلك.

انتهى.

ولا ينبغي لأختيك رفض ذلك، لأنك تحملت تجهيزهما من أجل الزواج ولا يلزمك ذلك وأنت القائم على الأسرة فليحسنا إليك كما أحسنت إليهما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني