الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الاختلاف في كل مسائل الشرع يعد رحمة

السؤال

لي سؤال حول الخلاف: يقول علماؤنا الأفاضل بأن الخلاف رحمة للأمة الإسلامية، وأن الخلاف يدل على مدى اتساع وتنوع ديننا الشريف لانه في مسألة واحدة يوجد أكثر من رأي.
وسؤالي هو: هنالك مسائل بعض العلماء يقول فيها بدعة والآخرون يقولون إنها سنة، فكيف ذلك من بدعة ضلالة في النار إلى سنة؟ فمثلا الاحتفال بالعيد المولد النبوي ..بعض علمائنا الإجلاء يقول إنما هو ممارسة لنشاطٍ إسلامي مغطىً بآيات القرآن الكريم ، وبسنة النبي عليه أتم الصلاة والتسليم. لذلك هو ليس بدعة وكذلك في قراءة سورة الكهف يوم الجمعة سمعت أبا إسحاق يقول إنه لم يصح الحديث في يوم فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة. فهل إذا خصصت وقرأتها يوم الجمعة ابتدعت؟ فهل أقرؤها أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد بينا في الفتوى رقم: 40173، أن عبارة الاختلاف بين العلماء رحمة ترد كثيراً في كلام أهل العلم، وقد حملها بعض أهل العلم على الاختلاف في المسائل التي يمكن فيها الاجتهاد، لعدم ورود نص فيها أو غموض في الأدلة الواردة فيها، وبالتالي تحصل توسعة على المقلدين في اتباع أحد طرفي الخلاف الواقع بين أهل العلم.

وأما الخلاف في سنية أمر ما أو بدعيته فالأصل مطالبة القائل بالسنية بإثبات الدليل وذلك للقاعدة التي تقول: الأصل في العبادات الحظر، فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله ورسوله، والأصل في العادات الإباحة، فلا يمنع منها إلا ما حرمه الله ورسوله.

وللقاعدة الأخرى: كل شيء كان سببه موجوداً في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه وسلف الأمة ولم يفعلوه، ففعله بعده بدعة.

وقد أفتينا ببدعية الاحتفال بالمولد لأنه أمر لم يأت به دليل، ولم يفعل في عهد الخلفاء الراشدين ولا في عهد الصحابة والتابعين، ولا قال به أحد من أئمة المذاهب الأربعة رحمهم الله تعالى، فترك هؤلاء له مع قيام السبب المقتضي كاف في تركه، ولو كان فيه خير لسبقونا إليه، بل إنه لم يفعل إلا في عهد العبيديين الذين سموا أنفسهم الفاطميين، وقدوتهم فيه النصارى الذين احتفلوا بميلاد عيسى، وهو أمر أحدثوه من تلقاء أنفسهم ولم يشرع لهم ولم يتعبدوا به في ديانتهم، فلذا تعين تركه لما فيه من الإحداث واتباع النصارى فيما ابتدعوه.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. رواه البخاري ومسلم. وفي رواية لمسلم: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد.

وأما قول بعض أهل العلم بأنه حسن أو لا بأس به فإن المسألة اختلف فيها المتأخرون بين قائل ببدعيتها ومرخص فيها، ومن المعلوم عند الأصوليين أنه إذا تعارض الحاظر والمبيح قدم الحاظر على المبيح، وأنه إذا علم في المسألة عمل للخلفاء الراشدين عمل به، وقد قدمنا أن الخلفاء الراشدين لم يعملوا به، وقد حكم ببدعية المولد غير واحد من أهل العلم وتتابع المحققون منهم على ذلك على مر العصور.

وأما قراءة الكهف يوم الجمعة فقد صح فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق.

وكذلك: من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة، أضاء له من النور ما بين الجمعتين. رواهما الحاكم والبيهقي، وصححهما الشيخ الألباني، في صحيح الجامع وغيره.

وعلى هذا فقراءة سورة الكهف في يوم الجمعة من السنة كما نص عليه المناوي وغيره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني