الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صفة الإيتار بثلاث ركعات

السؤال

أمَّ بنا شيخ جديد وصلى الوتر ثلاث ركعات متواصلة بدون تشهد ولا سلام، وأتى بتشهد وسلام في الركعة الثالثة. هل هذا صحيح أفيدونا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما فعله هذا الإمام جائز لا حرج عليه فيه، فالإيتار بثلاث متصلة جائز، فعن أبي أيوب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الوتر حق، فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل. رواه الخمسة إلا الترمذي.

وعدم جلوسه إلا في آخر الركعات الثلاث هو الأفضل، فإنه قد ورد النهي عن تشبيه الوتر بالمغرب، وجمع بينه وبين الأحاديث الدالة على جواز الإيتار بثلاث بأن المشروع أن يوتر بثلاث لا يجلس بينهن، وبذلك ينتفي تشبيه الوتر بالمغرب.

قال الصنعاني رحمه الله في سبل السلام: أخرج الدارقطني والحاكم وابن حبان من حديث أبي هريرة مرفوعا: { أوتروا بخمس أو بسبع أو بتسع أو بإحدى عشرة }. زاد الحاكم: { ولا توتروا بثلاث، لا تشبهوا بصلاة المغرب }. قال المصنف -أي الحافظ ابن حجر- ورجاله كلهم ثقات ولا يضره وقف من وقفه ، إلا أنه قد عارضه حديث أبي أيوب: { من أحب أن يوتر بثلاث فليفعل }. أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم . وقد جمع بينهما بأن النهي عن الثلاث إذا كان يقعد للتشهد الأوسط لأنه يشبه المغرب، وأما إذا لم يقعد إلا في آخرها فلا يشبه المغرب، وهو جمع حسن قد أيده حديث عائشة عند أحمد والنسائي والبيهقي والحاكم: { كان صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث لا يجلس إلا في آخرتهن }. ولفظ أحمد: { كان يوتر بثلاث لا يفصل بينهن } ولفظ الحاكم: لا يقعد. انتهى.

وبقي أن ننبه على أمر مهم وهو أن الوتر صلاة مخصوصة يحتاج إلى نية تخصه.

قال في الروض: فيجب أن ينوي عين صلاة معينة، فرضا كانت كالظهر والعصر، أو نفلا كالوتر والسنة الراتبة؛ لحديث: إنما الأعمال بالنيات. انتهى.

ومن ثم فلا يجزئ المأمومين أن يوتروا مع الإمام على هذه الصفة إذا لم يكونوا نووا الوتر من أول الصلاة، فإن كانوا بالركعتين اللتين قبل الوتر نووا أنهما منه جاز أن يتابعوا الإمام ويجزئهم ذلك عن الوتر، وإلا فعليهم أن يقعدوا في الثانية فيتموا صلاتهم لأنفسهم ثم إن شاءوا تابعوا الإمام في الركعة الثالثة بنية الوتر.

قال الشيخ العثيمين رحمه الله: الوتر صلاة مقيدة معينة فهي صلاة وتر، وإذا كانت معينة فلا بد فيها من النية من أولها، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى). وعلى هذا فإذا كان الإمام من عادته أن يصلي أربع تسليمات ثم يوتر، فإن المأموم إذا صلى أربع تسليمات ثم قام الإمام بعد ذلك ينوي الوتر، وإذا نوى الوتر فهو على نيته سواء سرد الإمام الثلاث جميعاً أو سلم بالركعتين ثم أتى بالثالثة؛ لأن الركعتين اللتين تسبق الواحدة هي من الوتر لكنه وتر مفصول، وإذا سرد الثلاث جميعاً بتشهد واحد فهو وتر موصول، وكلاهما جائز. انتهى

وإذا لم ينو المأمومون الوتر ونووا التنفل بركعتين فليس لهم أن يقوموا إذا قام الإمام إلى الثالثة لأن تعمد ذلك مبطل للصلاة عند كثير من العلماء.

قال المرداوي في الإنصاف: والمنصوص عن الإمام أحمد أن حكم قيامه إلى ثالثة ليلا كقيامه إلى ثالثة في صلاة الفجر. وجزم به في المغني والشرح وقدمه ابن مفلح في حواشيه وهو المذهب. انتهى.

ومن أهل العلم من يجوز الزيادة على ما نوى في النفل لكن شريطة أن ينوي الزيادة قبل أن يقوم إليها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني