الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

قلت لزوجتي إنك لو فعلت هذا الشيء فأنت طالق ولا أتذكر النية الآن هل كانت للزجر ثم بعد ذلك فعلته وقلت لها إنها أصبحت طالقا ولكن ذلك لكي تعقل وتأخذ اليمين بشكل جدي ثم بعد ذلك حدث خلاف فطلقتها ثم راجعتها في نفس المجلس ثم طلقها في نفس المجلس مرة أخرى فهل تحل لي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنك قد أكثرت من التلفظ بالطلاق وهذا من الاستهزاء بأحكام الله تعالى، وذلك مما قد ثبت النهي عنه والتحذير منه، قال تعالى: وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {البقرة:231}.

قال ابن العربي في أحكام القرآن: ومن اتخاذ آيات الله هزوا ما روي عن ابن عباس أنه سئل عن رجل قال لامرأته: أنت طالق مائة. فقال: يكفيك منها ثلاث، والسبعة والتسعون اتخذت بها آيات الله هزوا. فمن اتخاذها هزوا على هذا مخالفة حدودها فيعاقب بإلزامها وعلى هذا يتركب طلاق الهازل. انتهى.

والحلف بالطلاق من أيمان الفساق كما تقدم في الفتوى رقم: 58585.

وعلى أية حال فتفصيل الجواب فيما سألت عنه هو كما يلي:

1ـ تعليق طلاق الزوجة على فعل أمر وفعلته فإنه يقع به الطلاق عند الجمهور بمن فيهم المذاهب الأربعة وهو القول الراجح سواء قصدت الزجر أو لم تقصد شيئا.

أما على مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية فلا يلزمك شيء ما دمت لم تتحقق من نية الطلاق لأن الطلاق المعلق لا يقع عنده إلا إذا قصده الزوج عند حلفه، ولأن القاعدة أن الشك في المانع لا يؤثر، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 53092.

2ـ قولك: أصبحتِ طالقا إن قصدت به الإخبار عن الطلاق السابق لم يكن طلاقا وهذا هو الظاهر وإن قصدت به إنشاء الطلاق فهو طلاق آخر إذا كانت لم تزل في عدتها من الطلاق الأول أو كنت قد راجعتها بعده.

3ـ طلاقك لها بعد الخلاف معها يعتبر نافذا إن كانت باقية في عصمتك وتصح رجعتها في المجلس إن لم يكن هذا الطلاق مكملا للثلاث.

4ـ الطلاق الثاني في المجلس نافذ أيضا إن لم تتقدمه ثلاث طلقات.

وتبين مما تقدم أن هذه الزوجة قد وقع طلاقها ثلاثا ولم نقل إنه قد يكون أكثر من ثلاث لأن ما زاد على الثلاث لغو لا يعتد به، وما ذكرنا هو على مذهب الجمهور وهو القول الراجح المفتى به عندنا، وبذلك تحرم عليك حتى تنكح زوجا غيرك نكاحا صحيحا نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقها بعد الدخول. اللهم إلا أن يكون بعض هذه الطلقات قد وقع وهي في بينونة منك فإن ذلك لا يعتد به وحينئذ يكون ارتجاعها ممكنا.

أما على مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية فإن الطلاق لا يقع إن كان في حيض أو نفاس أو تعدد في طهر أو وقع في طهر حصل فيه جماع أو قبل رجعة أو تجديد وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 129665.

فتبين مما سبق أن الموضوع فيه من التعقيد ما لا يمكن معه الاكتفاء بالاستفتاء من بعيد، بل المتعين ـ إذا كنت تريد مراجعة زوجتك الرجوع إلى المحكمة الشرعية إن وجدت أو أن تذهب إلى أهل العلم المشهورين بالورع وتشافهم بكل ما حصل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني