الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كفر من سب الله تعالى عند الغضب وهل له توبة

السؤال

ما حكم من تجرأ وسب الله عز وجل ـ والعياذ بالله ـ سواءً أكان ذلك وهو في حالة غضب أو لم يكن، وكيف تكون التوبة من هذا العمل؟ وهل يؤجر الإنسان إذا سمع شخصا يسب الله فقام بنهيه عن هذا العمل الشنيع؟ وإذا ضرب هذا الشخص وهو ينهى عن هذا العمل ومات من جراء هذا الضرب، فهل تكون خاتمة خيرٍ له؟ أم ماذا؟.وبارك الله لكم وبارك فيك وبارك عليكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن من سب الله تعالى مختاراً مدركاً لما يقول، فقد كفر بالله وخرج من ملة الإسلام، سواء كان الساب في حالة غضب، أو كان في حالة رضا، وسواء كان جاداً، أو كان هازلاً، قال الله تعالى: قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ* لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ.{ التوبة: 65-66}.

قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في المغني: ومن سب الله تعالى كفر ـ سواء كان مازحاً، أو جاداً ـ وكذلك من استهزأ بالله تعالى، أو بآياته، أو برسله، أو كتبه، قال تعالى: وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ. انتهى.

ولكن التوبة مقبولة إن صحت وصدقت، فقد قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.{الزمر: 53}.

وراجع في كيفية توبة المرتد وشروطها الفتوى رقم: 94873.

وأما نهي الساب عن السب: فواجب شرعي يؤجر عليه، لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض الكفاية أوجبه الله على هذه الأمة حسب استطاعة الإنسان، ففي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.

ومن أصابه أذى بسبب النهي عن المنكر فعليه أن يصبر عملاً بوصية لقمان لابنه: يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ* وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ.{ لقمان: 17-18}.

وإذا مات بسبب الأذى فنرجو أن تكون خاتمته حسنة، لما في الحديث عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله، قالوا: وكيف يستعمله؟ قال: يوفقه لعمل صالح قبل موته.

رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح ـ ورواه الحاكم وقال: صحيح على شرطهما ـ وصححه الألباني.

بل إن من نهى السلطان عن المنكر فقتله يعتبر شهيداً، لقوله صلى الله عليه وسلم: سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله. رواه الحاكم وصححه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني