الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشروعية الرقية الشرعية في كل حال

السؤال

لقد أذنبت ذنبا، لأنني لجأت إلى سؤال رجل يدعي العلاج بالرقية الشرعية عن طريق الكشف وسؤال المريض عن اسمه واسم أمه وتاريخ ميلاده، وذلك كان بواسطة الماسنجر، قال لي إنني ممسوسة، وأنا أعلم ذلك، لكنني أردت أن أعرف هل مابي سحر، أو مس؟ ويومها لم أنم، لأنني لمت نفسي وأصابني ضيق شديد، لأنني اقترفت هذا الذنب.معاناتي لها 7 سنوات وتعبت من العلاج لدى المشايخ أعاني من الصلاة بسبب الوسواس القهري ومشاكل نفسية لم يساعدني على التخلص منها تناول أحسن الأدوية أكره والديّ وبالأخص أمي وأرى كوابيس وعندما أسمع الرقية قبل النوم تصيبني مشاكل وقت النوم، الزواج أخاف من ذكره، ومن الأساس لم يتقدم لي أحد فيه خير كي أرضى به بعد طلاقي، تعليمي عجزت عن إكماله، وليس عن غباء مني، لكنني عندما أذاكر أصاب بضيق شديد، ولأنني تعرضت لمعايرة شديدة من أمي وأبي وسخرية لجأت للمشعوذ ذاك، كي أعرف ما بي.صدقوني أتعذب عذابا شديدا نفسيا عندما أصلي، ويتسلط علي سلس البول وقت كل وضوء أي عندما أفرغ من البول وأشرع بالوضوء أشعر بأنني أريد أن أفرغ مثانتي مجددا ولا تنزل مني قطرات، بل كمية مما يجعلني أطيل البقاء في الحمام لأكثر من نصف ساعة وهذا يتعبني نفسيا وإن توضأت فالبول ينزل مني أثناء الصلاة تركت الصلاة منذ شهرين ووضعي مع سلس البول اختفى، لكن أحيانا يعود صار وضعي إن صليت، أو لم أصلّ كما هو لا فرق معي في أي شيء، حياتي سوداء وكئيبة، فهل هذا من أثر المس؟ واقترفت ذنوبا كبيرة أريد التوبة منها، لكنني إن تركتها أحن إليها وأشعر بألم كلما فكرت في الذنب لكنني أحن إليه، فلا أظن أنني تبت أشعر أنني في دوامة، وكلي يقين بالله إن صليت ودعوته في جوف الليل فلن يردني، لكن لم أعد قادرة على الصلاة وحتى الدعاء الذي كنت سابقا أشتاق إليه صرت أنفر منه، والاستغفار أنفر منه أيضا قلبي يكاد ينفجر عندما أنوي الاستغفار، فماذا أفعل؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله لنا ولك العافية والسلامة من شر كل ذي شر, ونفيدك أن المس والسحر حق ويشرع التحصن والتداوي منهما بالمواظبة على الأذكار والتعوذات المأثورة والرقية الشرعية ولا يشترط أن تتأكدي من حصول المس أو السحر، فإن الرقية الشرعية تشرع لمن تؤكد من إصابته وتشرع لمن يشك في إصابته, بل وتشرع لمن لم يصب وذلك لدفع المكروه قبل وقوعه, وننصحك بالبعد عن المشعوذين والدجالين وأن ترقي نفسك بنفسك ويمكنك عرض حالتك على بعض أهل العلم والدين ممن لهم دراية بالرقية الشرعية, وأهم ما يستعان به كثرة ذكر الله، وواظبي على الدعاء بدعاء الكرب المذكور في الحديث: دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين, وأصلح لي شأني كله, لا إله إلا أنت. رواه أبو داود وحسنه الألباني.

وأكثري من الدعاء بدعاء يونس عليه السلام وبالاسم الأعظم، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 13199, 112540،68315، 27789، 3352، 4310، 5531.

وأما عن التوبة: فإن بابها مفتوح أمام العبد من جميع الذنوب كبيرها وصغيرها, ما لم تطلع الشمس من مغربها، أو تبلغ الروح الحلقوم عند الموت, ومغفرة الله لا يعظم أمامها ذنب مهما عظم وكثر، لما في الحديث القدسي: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي, يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة. رواه الترمذي.

وقد قال الله تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان: 68 ـ 70}.

وللتوبة شروط منها: الإقلاع عن الذنب, والندم على فعله, والعزم على عدم الرجوع إليه.

وعن علاج الكوابيس والرؤى المفزعة: راجعي الجواب رقم: 11014.

واعلمي أن الوسواس القهري مرض يضطر الشخص إلى تكرار الطهارة والعبادات الأخرى، وللشيطان دور كبير في جلب هذا النوع من الأمراض وفي استحكامه في باب العبادات فيشكك المسلم في رحمة عبادته حتى يكون في قلق واضطراب إلى أن يحصل له الملل منها، أو تركها بالكلية، أو ارتكاب ما هو أعظم من ذلك ـ وهو الشك في المعبود ـ وعندئذ يحصل الشيطان على ما يريد، روى أحمد وأبو داود من حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله, إن أحدنا يجد في نفسه - يعرض بالشيء - لأن يكون حممة أحب من أن يتكلم به, فقال: الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الحمدلله الذي رد كيده إلى الوسوسة.

وعلى المصاب بالوسواس القهري أن يتوجه إلى الله بصدق ويدعوه لكشف ما به, ويكثر من ذكر الله, قال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل:62}.

وقال: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}.

ومن علاج الوسواس أن يلهو عنه المرء, ولا يلتفت إليه, وراجعي في هذا الفتويين رقم: 10355ورقم:51601.

وعليك بالاستعانة بالله تعالى والسعي في الزواج ولو بأن تطلبي ذلك ممن يرتضى دينه وخلقه بواسطة إحدى محارمه، أو أحد محارمك, وراجعي الفتاوى التالية أرقامها للمزيد في الموضوع: 32981، 59769, 50982، 20039، 20297.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني