الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزواج بدون ولي باطل ويجب تجديد العقد بإذن الولي

السؤال

طلق والدي والدتي وأنا صغيرة، وتربيت أنا وأختي في بيت عائلة أمي وإخوانها وانقطعت علاقتي بوالدي.
عند بلوغي السابعة عشر من العمر أرسلت من قبل والدتي للدراسة في دولة أوروبية. تخللت دراستي العديد من المشاكل وبحمد الله تخرجت. قابلت شخصا مسلما سنيا مثلي في الجامعة يعمل بنفس مجالي ويكبرني بعام ونصف، يشيد بخلقه الجميع، ولكن من بلد غير بلدي الأصلي وطلب الزواج بي.
لم أرغب في ذلك، ولكنه كان يساعدني كثيرا فقبلت به. قابل أمي وخالي الوسيط وتكلم مع أبي بالهاتف. رضي أبي ورضي خالي إذا رضي أبي. أمي لم تمانع ولكن تبين لي بعد ذلك رفضها للأمر.
عدت لبلدي، وحاولت حبسي في المنزل وإخفاء جواز السفر. هربت من المنزل بسبب أزمتي النفسية، وتزوجت في بيت زوجي على المذهب الحنفي، وكان وليي أبوه ولم أخبر أهلي لخوفي منهم وتهديدهم لي.
بعد مرور سنتين وأهلي يظنون أني أعمل أخبرت أمي بالزواج، وذهبت معي لمقابلة أهل زوجي في بيتهم، ثم عادت إلى بلدي على وعد أن يقام حفل عرس. لم تخبر أمي أحدا بالزواج ورفضت إقامة عرس. بعد عام و بعد أن تبينت لي نيتها اتصلت بأبي وقال لي مرارا: إذا أنت قبلت به لا أملك إلا أن أقول لك مبروك وبارك الله لكما. أقمنا عقدا آخر ولكن لم يتسن لأبي اللقاء عبر الهاتف حينها، ولكنه اتصل بي بعدها وأخي من أبي اثنا عشر عاما وباركا لي وتأسفا لعدم وجودهما معي حينها.
أخبرت أهل أمي بالاميل بعدها بأمر العقد الثاني. غضب خالي الأصغر و لعن أبي وزوجي وأهله وشتمهم وإياي بأقبح الشتائم ويطلب طلاقي ويهددني وزوجي. لم يخبروا الأقارب بالزواج ويرفضون العقد حتى ويعتبرونه خيانة لهم، ويهددونني إذا أبلغت أحدا عنه ويتجاهلون أمري.
هل العقد صحيح؟ وبما تنصحونني؟ زوجي وأهله يحبونني جدا ويعينوني كثيرا، وهم على دين وأهلي أكثرهم ليسوا كذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنقول للسائلة أولا أنه لا يجوز للمرأة أن تخلو بأجنبي أو تسافر معه أو تكشف له شيئا من جسدها، ولو كان خاطبا أو مريدا للخطبة.

أما بخصوص زواجها المذكور فنقول إن الولي شرط لصحة النكاح في قول جمهور الفقهاء خلافا لمذهب أبي حنيفة، وقد سبق لنا بيان ذلك بالفتوى رقم: 5855 .

وقد كان بوسعكم المضي في هذا النكاح إن كنتم قد عقدتموه تقليدا لأبي حنيفة، أما وقد استفتيتمونا فإننا نفتي بوجوب فسخه، لأننا نرجح مذهب الجمهور لقوة أدلته.

ويجب تجديد العقد بإذن الولي وحضور الشهود إن رغبتما في الاستمرار. ويجدر بنا أن ننبه هنا إلى أنه إذا كان قد حكم بصحة النكاح قاض شرعي يرى عدم اشتراط الولي مضى ولزم كما بينا بالفتوى رقم: 47816.

وما كان ينبغي لأمك أن تعترض على زواجك من هذا الشاب ما دام ذا خلق ودين كما ذكرت، ومخالفة الوالدين أو أحدهما لأمر زواج الفتاة من الكفء مما لا ينبغي، ولا يجب على الفتاة طاعتهما في ذلك إن لم يكن هنالك مبرر شرعي، إذ لا يجب على الولد طاعة والديه فيما فيه ضرر عليه. وراجعي ضوابط طاعة الوالدين بالفتوى رقم: 76303.

وأما خالك الذي ذكرت أنه قد سبك وسب أباك وأهل زوجك فقد أساء بذلك إساءة بليغة، وإذا كان عقد نكاحك عقدا شرعيا فليس له الحق في أن يطلب من زوجك أن يطلقك.

وننصحك بالاجتهاد مستقبلا في الإصلاح فيما بينك وبينهم، واستعيني في ذلك بالله أولا، ثم بمن يمكن أن يكون قوله مقبولا عند أهلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني