الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلق امرأته مرتين وهو سكران

السؤال

قد وقع شجار بيني وبين زوجي بسبب أنه رجع وهو مخمور إلى البيت فقمت بتأنيبه والصراخ في وجهه وبعدها قال أنت طالق وهي المرة الثانية التي يعمل فيها مثل هذا العمل، فالمرة الأولى كانت قبل ثلاث سنين وهو في حالة سكر شديد، وأنا إنسانة مؤمنة أعيش في حالة لا أدري هل أنا طالق أم لا؟ وقد قمت بتجنبه في البيت وجعلت إحدى البنات تقوم بأمر خدمته وأنا على هذا الحال لمدة 10 أيام، الرجاء من سعادتكم الإجابة على السؤال.
وفقكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فشرب الخمر معصية شنيعة وكبيرة من كبائر الذنوب ثبت النهي عنها والتحذير منها، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {المائدة:90}.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل مسكر حرام، إن على الله عز وجل عهدا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال، قالوا يا رسول الله وما طينة الخبال؟ قال عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار. رواه الإمام مسلم وغيره.

وبخصوص الطلقتين اللتين أوقعهما زوجك فتفصيل الحكم فيهما كما يلي:

1ـ أن تكونا معا حصلتا أثناء غيبوبة عقله بحيث كان لا يعي ما يقول فلا يلزمه شيء على القول الراجح من كلام أهل العلم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 11637.

2ـ أن تقعا معا وهو يعي ما يقول فتقع الأولى، وكذلك الثانية إن وقعت في العدة، أو سبقتها رجعة قبل تمام العدة ولو بجماع، أو مقدماته عند بعض أهل العلم، أو كان قد وجد عقد بعد انقضاء العدة، فإن كانت بعد العدة ولم تسبقها رجعة في العدة ولا تجديد عقد بعدها فإنها لا تقع، لانقطاع العصمة وحصول البينونة بتمام العدة.

3ـ أن تكون إحدى الطلقتين هي النافذة فقط، لوقوعها وهو يعي ما يقول، ففي هذه الحال إن راجعك قبل تمام العدة فأنت باقية في عصمته، وإن انقضت العدة قبل الرجعة فقد حصلت البينونة ولا تحلين له إلا بعقد جديد ولك الامتناع عن الرجوع إليه، وإن كنت الآن باقية في عصمته حسبما ذكرناه من التفصيل فلا يجوز لك الامتناع عن معاشرته لحرمة ذلك وثبوت الوعيد الشديد في شأنه بدون عذر شرعي، وإثم معصيته هو على نفسه، قال تعالى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى. الآية.

وراجعي الفتوى رقم: 46042. وننصحك بالدعاء له.

وعلى تقدير بقاء الزوجية بينكما فننصحك أيضا بنصحه بحكمة ورفق مع الاستعانة بمن يمكن له التأثير عليه من إمام مسجد حيه، أو بعض أهل الصلاح والاستقامة، فإن لم يفد نصحه فيحق لك رفع الأمر لمحكمة شرعية وطلب الطلاق، جاء في لقاء الباب المفتوح للشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ مجيبا على سؤال متعلق بزوج شارب للخمر: أرى أنها إذا نصحته ولم يستفد فلها الحق في طلب الفسخ ويفسخ النكاح، لكن على كل حال مثل هذه الأمور قد يكون هناك أشياء ما تتمكن معها من الفسخ، لأنها معها أولاد يحصل مشاكل في الفسخ، فإذا لم تصل معصيته إلى حد الكفر فلا حرج عليها أن تبقى معه خوفا من المفسدة، أما إذا وصلت إلى حد الكفر مثل كونه لا يصلي فهذا لا تبقى معه طرفة عين. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني