الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما فائدة الدعاء إذا وقع القدر

السؤال

قرأت جميع الفتاوي المتعلقة بالدعاء والقضاء والقدر، ولم أجد ما فائدة الدعاء وأهميته إذا وقع وحدث القضاء والقدر أي ما قد قدر ؟ وهل نستمر في الدعاء بعد وقوع القضاء ؟ وإلى متى نستمر بالدعاء ؟ ما هي الأدعية المتعلقة بالقضاء والقدر ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالدعاء عبادة من أجل العبادات، وقربة من أعظم الطاعات، والداعي لا يعدم بدعائه خيرا، فإنه إن لم يعط ما سأل صرف الله عنه من السوء بمثل دعائه أو ادخره له يوم القيامة، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

فعلى العبد أن يكون داعيا لله تعالى ملتجئا إليه مفتقرا له سبحانه في كل حال، ولا ينبغي للعبد أن يتوقف عن سؤال الله تعالى ودعائه سواء نزل به ما يحب أو ما يكره. فإنه من لم يسأل الله يغضب عليه كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم. والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل كما روي في الحديث.

فإذا وقع القدر كان دعاء العبد مخففا لما نزل به من البلاء أو رافعا له، أو يحصل له بدعائه من الصبر والاحتمال ما لم يكن حاصلا لولا الدعاء، فالدعاء من جملة الأسباب التي لا ينبغي للعاقل أن يهملها أو يفرط فيها، بل هو من أهم الأسباب الدافعة للبلاء والرافعة له بإذن الله، وكما أن المريض يتعاطى الدواء بعد نزول المرض ولا يقول قد وقع القدر فما ينفع الدواء، فهكذا شأن الدعاء، فالعبد يسأل الله تيسير الخير ودفع الشر على كل حال كما ذكرنا، ونسوق ههنا للعلامة ابن القيم رحمه الله كلاما يتعلق بهذا المقام.

قال في الجواب الكافي ما عبارته: وَالدُّعَاءُ مِنْ أَنْفَعِ الْأَدْوِيَةِ، وَهُوَ عَدُوُّ الْبَلَاءِ، يَدْفَعُهُ، وَيُعَالِجُهُ، وَيَمْنَعُ نُزُولَهُ، وَيَرْفَعُهُ، أَوْ يُخَفِّفُهُ إِذَا نَزَلَ، وَهُوَ سِلَاحُ الْمُؤْمِنِ.

كَمَا رَوَى الْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الدُّعَاءُ سِلَاحُ الْمُؤْمِنِ، وَعِمَادُ الدِّينِ، وَنُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ». وَلَهُ مَعَ الْبَلَاءِ ثَلَاثُ مَقَامَاتٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ أَقْوَى مِنَ الْبَلَاءِ فَيَدْفَعُهُ.

الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أَضْعَفَ مِنَ الْبَلَاءِ فَيَقْوَى عَلَيْهِ الْبَلَاءُ، فَيُصَابُ بِهِ الْعَبْدُ، وَلَكِنْ قَدْ يُخَفِّفُهُ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا.

الثَّالِثُ: أَنْ يَتَقَاوَمَا وَيَمْنَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ. وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُغْنِي حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ، وَالدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ، وَإِنَّ الْبَلَاءَ لَيَنْزِلُ فَيَلْقَاهُ الدُّعَاءُ فَيَعْتَلِجَانِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» . وَفِيهِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ، فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِالدُّعَاءِ». وَفِيهِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ». انتهى.

ولا ندري ما مرادك بالأدعية المتعلقة بالقضاء والقدر فإن كل ما يدعو به العبد من طلب حصول خير أو دفع شر هو متعلق بالقضاء والقدر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني