الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإيمان بالقدر لا يمنع الأخذ بالأسباب

السؤال

هل الزواج قسمة ونصيب: أي أن الله هو الذي كتب لكل أنثى نصيبها؟ وهل سوف تأخذ الذي كتب لها الله ولن يتغير؟ وهل الدعاء مكتوب في اللوح المحفوظ: أي أن الله إذا أراد بي أن أدعوه فسأدعوه؟ وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يخفى أن كل ما يجري للعبد وما يجري منه من قول أو فعل هو مقدر عليه ومكتوب في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق الله الخلق، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة. رواه مسلم.

قال المباركفوري: قال بعض الشراح: أي أمر الله القلم أن يثبت في اللوح ما سيوجد من الخلائق ذاتا وصفة وفعلا وخيرا وشرا على ما تعلقت به إرادته. اهـ

فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، سبحانه لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، والعبد لا اطلاع له على الغيب، فلا يعرف ما قدّره الله عليه، لكن عليه أن يجتهد في الأسباب المشروعة، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: ما منكم من أحد إلا وقد علم مقعده من الجنة والنار، قالوا أولا ندع العمل، ونتكل على الكتاب؟ فقال: لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له. متفق عليه.

فالأسباب مقدرة على العبد، ومن هذه الأسباب الدعاء، بل هو من أنفع الأسباب المطلوبة من العبد والمقدرة عليه، ففي سنن الترمذي: قلت يا رسول الله أرأيت رقى نسترقيها ودواء نتداوى به وتقاة نتقيها، هل ترد من قدر الله شيئا؟ قال هي من قدر الله.

قال الغزالي: فإن قلت: فما فائدة الدعاء والقضاء لا مرد له؟ فاعلم أن من القضاء رد البلاء بالدعاء، فالدعاء سبب لرد البلاء واستجلاب الرحمة، كما أن الترس سبب لرد السهم، والماء سبب لخروج النبات من الأرض.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني