الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذهب ابن تيمية وابن عثيمين في القصر للمسافر

السؤال

فضيلة الشيخ، سأبدأ بشرح وضعي الحالي لكي أسهل عليكم الإجابة على سؤالي، وأرجو من فضيلتكم أن تتحلوا بسعة الصدر ولكم جزيل الشكر.
أنا طالب في دولة أوروبية، خرجت للدراسة فيها من بلدي على نفقتي الخاصة وبلا ابتعاث من دولتي بهدف تحصيل فرص عمل أفضل عندما أعود إلى بلدي، و قد قمت بدراسة الماجستير في هذه الدولة ثم قبلت لدراسة الدكتوراة ضمن مشروع مشترك بين إحدى الجامعات في هذه الدولة الأوروبية و بين شركة معروفة، و قد تم اختياري بناء على أنني بعد إنهاء الدكتوراه ستقدم لي الشركة فرصة عمل لديها لكي تستفيد من الخبرات التي سأكتسبها أثناء دراسة الدكتوراه (حيث إن الشركة تقوم بتمويل المشروع بالإضافة إلى راتبي) على أنه لا يوجد اتفاق مكتوب يلزمني بالبقاء في الشركة بعد إنهاء دراستي وإنما تم الاتفاق على ذلك شفهيا عندما أجريت المقابلة للحصول على الدكتوراه، وأنا في نيتي أن أنهي دراسة الدكتوراه ثم أعمل لبضعة أعوام لدى الشركة بهدف تحصيل بعض الخبرة ولكي أستطيع تجميع مبلغ كاف عند عودتي إلى بلدي يمكنني من تأسيس عمل خاص بي.
هل يجوز لي (على رأي الشيخ ابن عثيمين و ابن تيمية رحمهما الله) أن أجمع و أقصر الصلاة عند الاضطرار، علماً أن سفري غير معلوم المدة و الحاجة التي تحبسني عن العودة حاجة مادية مع وجود نية أكيدة بالعودة إلى بلدي متى استطعت، ولأنني في عملي لا يتيسر لي دوما الصلاة على الوقت و أضطر كثيراً لقضاء الأوقات؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن المعلوم أن الفقهاء اختلفوا في المدة التي إذا أقامها المسافر انقطع بها عنه حكم السفر على أقوال ذكرناها في الفتوى رقم: 6215، وذكرنا أن شيخ الإسلام ابن تيمية يرى أن للمسافر أن يقصر الصلاة ما دام لم ينو الإقامة المطلقة وهو ما رجحه الشيخ ابن عثيمين رحم الله جميع علماء المسلمين.

قال الشيخ في الشرح الممتع: القول الراجح ما ذهب إليه شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله من أن المسافر مسافر ما لم ينوِ واحداً من أمرين:

1 ـ الإِقامة المطلقة.

2 ـ أو الاستيطان.

والفرق: أن المستوطن نوى أن يتخذ هذا البلد وطناً، والإِقامة المطلقة أنه يأتي لهذا البلد ويرى أن الحركة فيه كبيرة، أو طلب العلم فيه قوي فينوي الإِقامة مطلقاً بدون أن يقيدها بزمن أو بعمل، لكن نيته أنه مقيم لأن البلد أعجبه إما بكثرة العلم وإما بقوة التجارة، أو لأنه إنسان موظف تابع للحكومة وضعته كالسفراء مثلاً، فالأصل في هذا عدم السفر؛ لأنه نوى الإِقامة فنقول: ينقطع حكم السفر في حقه. أما من قيد الإِقامة بعمل ينتهي أو بزمن ينتهي فهذا مسافر، ولا تتخلف أحكام السفر عنه. اهـ

وقال في لقاء الباب المفتوح: أقرب الأقوال إلى الصواب: قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ أن الرجل ما دام غائباً عن بلده ولم يتخذ البلد الثاني وطناً فهو مسافر، كل مَن بقي لحاجة ومتى انتهت رَجَعَ فهو مسافر سواء عَيَّن المدة أم لم يعيِّن... اهـ.

ونحن لا نجزم أن كلام الشيخ يصدق على حالك، ومن ثم فأنت تشك في حصول الرخصة ومتى شك في حصولها تعين الرجوع إلى الأصل وهو الإتمام، والذي نفتي به في موقعنا أيضا هو قول الجمهور لأدلة ذكرناها في الفتوى المشار إليها فلا يقصر من نوى الإقامة أربعة أيام فأكثر لأنه صار مقيما بتلك النية، وانظر لمعرفة الأسباب المرخصة للجمع بين الصلاتين في غير السفر الفتوى رقم: 119126، والفتوى رقم: 142323.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني