الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حُكِم له بمال عوضا عن اتهامه ظلما بالسرقة فهل يحل أخذه

السؤال

رجل اتهم بالسرقة وبعد أن أثبتت المحكمة براءته رفع قضية رد اعتبار فحكمت له المحكمة بمبلغ من المال كتعويض، فهل هذا المبلغ حلال أم لا؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالضرر الحاصل بهذه التهمة الباطلة ضرر حقيقي بلا شك، ولكنه ضرر أدبي معنوي لا مالي مادي، وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن موضوع الشرط الجزائي في البند الخامس: الضرر الذي يجوز التعويض عنه يشمل الضرر المالي الفعلي، وما لحق المضرور من خسارة حقيقية، وما فاته من كسب مؤكد، ولا يشمل الضرر الأدبي، أو المعنوي. اهـ.

وهذا هو الراجح، أن التعويض عن الضرر المعنوي غير مشروع، لكون الضرر المعنوي ليست فيه خسارة مالية، وأنه غير محسوس، وغير ممكن تحديده وتقديره، وراجع الفتويين رقم: 35535، ورقم: 99801.

وعلى ذلك، فلا يجوز لهذا المتهم بالباطل أن يقبل هذا التعويض المالي، ولكن له أن يطلب من خصمه إشهار براءته بالسبل المتيسرة رداً لاعتباره.

وأما إن حكم القاضي له بذلك: فلا حرج عليه في أخذه إلا إن كان المحكوم له يعتقد حرمته اجتهادا، أو تقليدا فهذا محل خلاف بين أهل العلم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: اختلفت الرواية عن أحمد فيما لو حكم الحاكم بما يرى المحكوم له تحريمه، فهل يباح بالحكم؟ على روايتين، والتحقيق في هذا أنه ليس للرجل أن يطلب من الإمام ما يرى أنه حرام، ومن فعل هذا فقد فعل ما يعتقد تحريمه, وهذا لا يجوز، لكن لو كان الطالب غيره، أو ابتدأ الإمام بحكمه، أو قسمه فهنا يتوجه القول بالحل، وليس للإنسان أن يعتقد أحد القولين في مسائل النزاع فيما له، والقول الآخر فيما عليه باتفاق المسلمين، كما يعتقد أنه إذا كان جارا استحق شفعة الجوار، وإذا كان مشتريا لم يجب عليه شفعة الجوار. اهـ.

فإذا كان لم يطالب بالتعويض عن الضرر المعنوي ابتداء، وإنما حكم له القاضي به دون طلب فظاهر كلام شيخ الإسلام الميل إلى حله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني