الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قص أطراف شعر الحاجبين

السؤال

يا شيخ أنا من مصر، وقد سألت عن حكم قص أطراف شعر الحاجب، الأطراف فقط وليس أصول الشعر. قص وليس نتفا.فأفتاني بـجواز إزالة شعر الحاجبين. فقمت بالاستمرار على ما أفعله بدون نتف.
ولكن يا شيخ في أحيان كثيرة أشعر بالحيرة عند سماع شيخ يفتي بأن النتف أو القص أو التخفيف كله من النمص. وملعونة من تفعل ذلك.
ولكني أعود وأحتار وأقول: أليس من أفتاني بعالم ؟ ألم يدرس كتاب الله وسنة حبيبه عليه الصلاة والسلام فـلم يحمّل نفسه إثمي وإثم من يأخذ بفتواه إن كان مخطئا؟
خلاصه سؤالي يا شيخ: لو أني استمررت على قص أطراف الحاجب لأن مفتي بلدي أفتاني بجواز إزالتها هل إن كانت الفتوى غير صحيحة هل علي إثم ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

ففرض العامي المقلد فيما يحل به من نوازل أن يرجع إلى أهل العلم الثقات، فما أفتوه به عمل به، وإن كان اجتهادهم غير صواب في حقيقة الأمر فلا يأثم العامي لعدم علمه، قال الله جل وعلا: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ. {النحل: 43}.

قال القرطبي رحمه الله: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها لعدم أهليته فيما لا يعلمه من أمر دينه ويحتاج إليه، أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده فيسأله عن نازلته فيمتثل فيها فتواه، لقوله تعالى: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. {النحل: 43}. وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه، حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. انتهى.

ومسألة تهذيب شعر الحاجبين بالنتف والنمص أو بالحلق أو القص محل خلاف بين أهل العلم، وإنما اختلفوا في ذلك لاختلافهم في فهم علة التحريم الواردة في الحديث الذي ورد في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود أنه قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله. فبعض العلماء يجعل علة النهي هي مشابهة أهل الفجور أو التدليس، فمتى لم يكن النمص شعارا للفاجرات ولم يحصل به تدليس جاز وهو ما ذهب إليه ابن الجوزي من الحنابلة.

جاء في الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل: وأباح ابن الجوزى النمص وحده وحمل النهي على التدليس أو أنه شعار الفاجرات. انتهى.

وبعض العلماء تمسك بظاهر الحديث، وجعل النهي إنما هو عن النتف والنمص خاصة، أما إذا حصلت إزالة الشعر بالحلق أو القص فلا حرج فيه. وهذا مذهب أحمد بن حنبل رحمه الله.

جاء في المغني لابن قدامة: فأما النامصة فهي التي تنتف الشعر من الوجه، والمتنمصة المنتوف شعرها بأمرها. فلا يجوز للخبر، وإن حلق الشعر فلا بأس لأن الخبر إنما ورد في النتف نص على هذا أحمد. انتهى.

وبعض العلماء جعل النهي خاصا بالنساء اللاتي لا تباح الزينة في حقهن كالحادة.

جاء في حاشية العدوي المالكي: والنهي محمول على المرأة المنهية عن استعمال ما هو زينة لها كالمتوفي عنها والمفقود زوجها. فلا ينافي ما ورد عن عائشة من جواز إزالة الشعر من الحاجب والوجه. انتهى.

وبعض العلماء يجعل هذا عاما في إزالة شعر الحاجبين بأي وسيلة ما لم يتفاحش ويخرج إلى حد العيب.

فهذه المسألة محتملة كما ترين. وعليه فما دمت تأخذين من شعر حاجبيك بالقص دون النتف مقلدة لمن أفتاك من أهل العلم فلا حرج عليك من ذلك إن شاء الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني