الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعدي الشريك أو تفريطه يوجب عليه الضمان

السؤال

لدي أخ أنشأ شركة تجارية مع شريك له (شركة تضامن) تخولهم التوقيع على الشيكات والمعاملات منفردين أو مجتمعين، وبعد فترة خسرت هذه الشركة واكتشف أخي أن شريكه كان يأخذ أموالا من تجار ومن الناس ويوقع على الشيكات دون علمه وتراكمت هذه الديون على الشركة حتى تم إعلان إفلاسها, ولم يستطيعا سداد هذه الديون.
السؤال هنا: هل هذه الأموال التي كان يأخذها شريكه دون علمه تعتبر من الناحية الشرعية دينا عليه واجب سدادها، مع العلم أنه لا يملك شيئا يعينه على سدادها خصوصا أن هذه الأموال مبالغها عالية يعجز عن سدادها أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأصل أن الشركاء مشتركون في الربح والخسارة كل بحسب نصيبه من الشركة هذا هو مقتضى الشركة، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 59764.

وهذا الأصل يعمل به إلى أن يثبت تعدي أحد الشريكين أو تفريطه، فإن هذا يوجب عليه الضمان.

جاء في الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على أن يد الشريك يد أمانة بالنسبة لمال الشركة أياً كان نوعها.. والقاعدة في الأمانات أنها لا تضمن إلا بالتعدي أو التقصير. انتهى.

وقال ابن قدامة في المغني: ما يتلف بتعدي أحدهما -يعني الشريكين- أو تفريطه أو تحت يده على وجه يوجب الضمان عليه فذلك عليه وحده. انتهى.

وقال البهوتي في كشاف القناع: (وما يتلف) من الأعيان أو الأجرة (بتعدي أحدهما أو تفريطه أو تحت يده على وجه يوجب الضمان عليه) كمنع أو جحود (فهو) أي التالف (عليه وحده) لانفراده بما يوجب الضمان. انتهى.

ومن التعدي الذي يثبت الضمان على أحد الشريكين ما ذكرته السائلة عن شريك أخيها.

قال ابن قدامة في الكافي: ولا يستدين على مال الشركة ولا يشتري ما ليس عنده ثمنه، لأنه يؤدي إلى الزيادة في مال الشركة ولم يؤذن فيه، فإن فعل فعليه ثمن ما اشتراه ويختص بملكه وربحه وضمانه، وكذلك ما استدانه أو اقترضه. انتهى.

وقال في المغني: ليس له أن يستدين على مال الشركة، فإن فعل فذلك له، وله ربحه وعليه وضيعته. انتهى. وقال الكاساني في بدائع الصنائع: الشريك لا يملك الاستدانة على مال الشركة من غير أن يؤذن له بذلك كالمضارب لأنه يصير مال الشركة أكثر مما رضي الشريك بالمشاركة فيه فلا يجوز من غير رضاه. انتهى.

وعلى ذلك فيلزم هذا الشريك ضمان هذه الديون التي استدانها بدون إذن من شريكه، وتثبت عليه ديناً في ذمته، فإن عجز وكان له ممتلكات زائدة عن الحاجات الأساسية كبيت وسيارة ونفقة له ولمن يعول، فيجب عليه أن يبيع ويسدد ما عليه من الديون.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني