الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حق الزوجة في الميراث ثابت لها وإن قلت فترة الزوجية

السؤال

توفي زوجي ـ رحمة الله عليه ـ وكان قد قال لي قبل وفاته إنه أخذ من أخواته البنات مبلغا ماليا ليسدد به التزامات مالية عليه وأن نيته أن يتنازل لأخواته في مقابل ذلك المال عن جزء من ميراثه في أرض زراعية ولكن مرض فجأة وتوفي ـ رحمه الله ـ ويوم وفاته وعقب دفنه قالت أخواته إنهن مسامحات له على ذلك المبلغ ولكنني رفضت ذلك وقلت لهم لا أقبل أن يسامحنه على سيف الحياء وأنه يجب علي وعلى باقي ورثته سداد ذلك الدين حيث إنه ليس لديه أولاد ولي ربع تركته وقلت لهم سأقوم بسداد ربع ذلك الدين ولو من مالي الخاص حتى تكون ذمة زوجي خالصة أمام الله تعالى، ولزوجي أرض ميراث له عن والده وكذلك له نصيب في بيت لوالده وهما في حوزة إخوته الرجال، وإخوة زوجي ـ البنات والرجال ـ قد قطعوا صلتهم بي بعد وفاة زوجي حتى لا أطالبهم بميراثي وعندما أتصل بهم لكي أصل رحم زوجي فالبعض لا يرد على الهاتف والبعض إن رد علي رد بكل جفاء وتجاهل خاصة وأن إخوة زوجي بعد وفاته يستخسرون في ميراثي الشرعي عنه لأنني تزوجته فترة قصيرة ولم ننجب وعندما أتصل بهم فإنني أحس بانتقاصهم لي مما يجعلني في حرج شديد أمام نفسي، وسؤالى هو: أن لدى إخوة زوجي ميراثي من أرض وبيت، فهل يحق لى أن أتركه لهم دون أن أطالبهم به نظرا لأنهم يتوهمونني أن الميراث همي رغم أن الله أعلم أن مصيبتي في زوجي عظيمة ولا أبغي أي شيء من ميراثه وبتركي لهم نصيبي في الميراث يكون بذلك نصيبي في دين زوجي قد سُدد لهم من ذلك الميراث وما يتبقى بعد ذلك من الميراث يكون دينا لي في رقابهم أمام الله خاصة وزوجي كان قد كتب لي مؤخر الصداق عشرة آلاف جنيه؟ مع العلم أنني فيما بيني وبين الله مسامحة لزوجي إذا رفض إخوته إعطاءه لي وكذلك إذا رفضوا إعطائي ميراثي، وما هو موقف زوجي أمام الله إذا لم يقم إخوته الرجال بسداد نصيبهم في دين زوجي لأخواته البنات من ميراثهم الشرعي؟ علما بأن نية زوجي ـ رحمة الله عليه ـ كانت السداد عن طريق بيعه لجزء من أرضه لأخواته البنات أفتوني بالله عليكم، حيث إن ذلك الأمر يؤرقني وأخاف على زوجي أن يكون مازال معلقا بذلك الدين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالواجب هو قضاء هذا الدين قبل قسمة التركة، فليس على من توفي وترك ميراثا يفي بدينه من ضرر في ذلك بل الحرج على ورثته الذين ينتفعون بتركته دون قضاء دينه، ثم إن عفو أخوات المتوفى ـ وهن غرماؤه ـ عن دينهن، لا يلزم أن يكون بسيف الحياء، بل قد يكون عن رضا وطيب خاطر، وعندئذ تبرأ ذمة المتوفى، ويقسم الميراث كله على الورثة بحسب أنصبتهم الشرعية، وأما إن كان ذلك بسيف الحياء فعلا، فلا يسقط حقهن في قضاء هذا الدين، فإن امتنع بعض الورثة من قضائه، أو جحدوه، فيجزئ السائلة إن أخذت نصيبها من التركة أن تدفع ربعه لغرماء زوجها، ويحل لها الباقي على الراجح، قال ابن قدامة في المغني: إن أقر أحد الورثة ـ يعني بدين على المورث ـ لزمه من الدين بقدر ميراثه، وإذا قدره من الدين، فإن كانا اثنين لزمه النصف، وإن كانوا ثلاثة فعليه الثلث، وبهذا قال النخعي والحسن والحكم وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور والشافعي في أحد قوليه، لأنه إقرار يتعلق بحصته، فلا يجب عليه إلا ما يخصه. اهـ.

وإن لم تأخذ السائلة نصيبها من التركة، فلا يلزمها شيء تجاه غرماء زوجها، وأما امتناع إخوة الزوج من إعطاء السائلة نصيبها من التركة فهو جور وظلم بيِّن، فإن الله تعالى هو الذي تولى قسمة المواريث بنفسه، فلا يحل لأحد أن يمنع وارثا حقه في الإرث، فقد قال الله تعالى بعد أن بيَّن أنصبة المواريث: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ { النساء: 13ـ 14}.

هذا، وننبه على أن مؤخر الصداق يدخل في جملة الديون المتعلقة بذمة الزوج، فيجب إخراجه من التركة قبل قسمتها كسائر الديون، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 6236.

ولا حرج على الزوجة في مطالبتها بمؤخر صداقها وبنصيبها من تركة زوجها، وليس في ذلك ما تلام عليه ولا ما يقدح في وفائها لزوجها المتوفى، سواء طالت مدة الزوجية، أو قصرت، وإنما اللوم والحرج على من منع الناس حقوقهم وطمع في ما ليس له.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني