الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحكمة من تحريم النظر إلى المرأة الأجنبية

السؤال

هل يعلم لماذا النظر إلى المرأة الأجنبية حرام؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالواجب على المؤمن أن يتلقى أمر الله عز وجل بالتسليم سواء علم الحكمة منه أم لم يعلمها، فالمؤمن على يقين بأن أمر الله كله حكمة ورحمة، لكن لا مانع بعد ذلك من التطلع لمعرفة الحكمة ليزداد القب إيماناً، كما سبق في الفتوى رقم: 63764.

وبخصوص تحريم النظر إلى المرأة الأجنبية، فالحكمة فيه ظاهرة من سد الذرائع إلى المحرم وسد باب الفتنة فإنّ فتنة النساء خطرها عظيم فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال، من النساء. متفق عليه.

ولذلك فقد احتاط الشرع في علاقة الرجل بالمرأة الأجنبية و وضع لها حدوداً وآداباً تضمن العفة وتحافظ على طهارة القلوب وتسدّ أبواب الفتن، ومن ذلك ما جاء من الأمر بغض البصر عن الحرام، قال تعالى : قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. {النور : 30}

قال ابن كثير: ولما كان النظر داعية إلى فساد القلب، كما قال بعض السلف: النظر سهام سم إلى القلب؛ ولذلك أمر الله بحفظ الفروج كما أمر بحفظ الأبصار التي هي بواعث إلى ذلك. تفسير ابن كثير.

وقال ابن القيم: وأمر الله تعالى نبيه أن يأمر المؤمنين بغض أبصارهم وحفظ فروجهم، وأن يعلمهم أنه مشاهد لأعمالهم مطلع عليها يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ولما كان مبدأ ذلك من قبل البصر جعل الأمر بغضه مقدما على حفظ الفرج فإن الحوادث مبدأها من النظر كما أن معظم النار مبدأها من مستصغر الشرر. الجواب الكافي.

وقال الدهلوي: اعلم أنه لما كان الرجال يهيجهم النظر إلى النساء على عشقهن والتوله بهن، ويفعل بالنساء مثل ذلك، وكان كثيرا ما يكون ذلك سببا لأن يبتغي قضاء الشهوة منهن على غير السنة الراشدة، كاتباع من هي في عصمة غيره، أو بلا نكاح، أو غير اعتبار كفاءة - والذي شوهد في هذا الباب يغني عما سطر في الدفاتر - اقتضت الحكمة أن يسد هذا الباب. حجة الله البالغة.

وقال في موضع آخر: اعلم أن شهوة الفرج أعظم الشهوات وأرهقها للقلب موقعة في مهالك كثيرة، والنظر إلى النساء يهيجها، وهو قوله عليه السلام: المرأة تقبل في صورة شيطان. الخ فمن نظر إلى امرأة ، ووقعت في قلبه ، واشتاق إليها وتوله لها فالحكمة ألا يهمل ذلك ، فإنه يزداد حينا فحينا في قلبه حتى يملكه ، ويتصرف فيه ، ........ والشيء إذا عولج قبل تمكنه زال بأدنى سعي. حجة الله البالغة.

وراجع في فوائد غض البصر وثمراته الفتوى رقم : 78760.

واعلم أن النظر إلى الأجنبية بغير شهوة يجوز في أحوال سبق بيانها في الفتوى رقم : 41873.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني