الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فرق بين اليمين بدون عقد ونية واليمين بعقد ونية

السؤال

هناك حالة تتكرر معي كثيراً: وهي أن أمي تحلف علي أن لا أذهب بها إلى ما تريد إذا سخطت ونحوه، ثمَ ما تلبث أن تُغيَر رأيها في ظرف ثواني فتقول لي اذهب بي إلى المكان الفلاني ـ فأقع في حرج وحيرة بين طاعتها ونقض يمينها، وبالتالي لزوم الكفارة، أو عدم إجابتها فتغضب، علماً بأنني قرأت أن من لغو اليمين أن يحلف عليك أحدٌ ما ويغلب على ظنَه أنَك ستبر يمينه وتطيعه فتقوم بعدم طاعته، لكن هنا الذي ينقض اليمين هي أمي نفسها، فهل هذا لغو يمين أيضاً؟ وما الحكم لو قال شخصٌ ما لصديقه والله أن تتغدى معي، ثم قال الآخر والله لا أتغدى حتى لا يُثقل عليه، ثم جلس عنده ويتغدى، أو لا يتغدى؟ وهل تلزم الكفارة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان حلف أمك بدون عقد نية، أو كان سبق لسان فإن هذا من لغو اليمين الذي لا مؤاخذة فيه ولا كفارة، قال الله تعالى: لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ{البقرة:225}.

أما إن كان حلفها بقصد وعقد نية فإنها تحنث بذهابها معك وعليها كفارة يمين، وهي المذكورة في قول الله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:89}.

ولا داعي للحرج والحيرة، فإن عليك طاعة أمك ولا حرج عليها في نقض يمينها، بل هو الأفضل لها إذا كان ذلك لمصلحة، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها أن يأتي الذي هو خير وليكفر عن يمينه. كما في صحيح مسلم وغيره.

وأما من حلف على صديقه ولم يستجب له: فإن كان القصد من اليمين الإكرام دون إلزامه ففي وجوب الكفارة خلاف، والراجح ـ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى ـ عدم وجوب الكفارة، لأن القصد الإكرام وقد حصل، وهو من باب التخصيص بالنية، وإن كان قصده الإلزام ولم يستجب فإنه يحنث وبالتالي تلزمه كفارة يمين، كما هو مبين في الفتويين رقم: 44587، ورقم: 114705، وما أحيل عليه فيهما.

وكل ما ذكر إنما هو في الحالف الأول، وأما الحالف الثاني فإنه إن خالف ما حلف عليه يكون حانثا على كل حال إلا أن يكون له هو أيضا قصد تخصص به يمينه.

وننبه إلى أنه لا ينبغي للمسلم أن يكون كثير الحلف، فقد ذم الله تعالى الحلاف أي كثير الحلف، فقال تعالى: وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ {القلم:10}.

وقال تعالى: وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ {البقرة: 225}.

وقال تعالى: وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ { المائدة: 89}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني