الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يكفر من اعتقد أن إمرار الصفات على ظاهرها يؤدي إلى التجسيم

السؤال

قرأت ذات مرة أن رجلاً ـ ولا أعلم في أي عصر هو ـ قال: أنا لا أؤمن بالإله الذي يؤمن به ابن تيمية ـ ويقصد أن إمرار آيات الصفات على ظاهرها: أي على حقيقتها ـ يؤدي إلى التشبيه والتجسيم، فهل يكفر هذا الرجل بمجرد تلفظه بهذا؟ أم لا بد من البيان له والشرح؟ علماً بأنه لم يقل: لا أؤمن بالله ـ لكنه واضح أنه يقول بتأويل ءايات الصفات كاليد والوجه وحديث القدم، أفيدونا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يكفر قائل هذا الكلام بمجرد تلفظه به، لمكان التأويل والاشتباه، فهو إنما يقصد إثبات اعتقاده تأويل هذه الصفات الخبرية، لكون إثباتها يستلزم عنده المحال على الله، وهو التشبيه والجسمية والتركيب إلى غير ذلك مما يذكرونه ويردون به النصوص الثابتة في باب الصفات، فحكم قائل ذلك هو حكم من أوَّل الصفات الخبرية، كاليد والوجه، لا يكفر بذلك، وإن كان قد ضل سواء السبيل والصراط المستقيم في هذا الباب المهم من أبواب العلم، بخلاف من أنكر صفات الله بالكلية كغلاة الجهمية، فهؤلاء نص الأئمة على كفرهم، وراجع الفتويين رقم: 59050، ورقم: 60824.

وهنا لابد من التنبه إلى أن هذا حكم عام، بخلاف تكفير الأعيان، فلابد فيه من إقامة الحجة وإزالة الشبهة وراجع في ذلك الفتويين رقم: 43864، ورقم: 721.

وأما من أثبت الصفات جملة، ولكنه أوَّل بعضها كالصفات الفعلية، فهذا لا يكفر، وأمره إلى الله، إن شاء آخذه وإن شاء عفا عنه، كما قال الذهبي: من أنكر ذلك بعد العلم، وقفا غير سبيل السلف الصالح، وتمعقل على النص فأمره إلى الله، نعوذ بالله من الضلال والهوى. اهـ.

وراجع في ذلك الفتوى رقم: 64175.

وقال الشيخ صالح آل الشيخ: الأصل أن من أثبت بعض الصفات وتأول الباقي أنه لا يحكم بكفره، وإنما يقال: هذا من أهل البدع، أما نفي الصفات أصلا فهو مردود وكفر، كما هو عليه الجهمية، أما تأويل الصفات في إثبات بعض، أو نفي بعض فلا يطلق القول بتكفير هذه الفئة. اهـ.

وقال الشيخ ابن باز: مذهب الخلف المذموم هو مذهب أهل التأويل والتحريف والتكلف، ولا يلزم من ذم مذهب الخلف والتحذير منه القول بتكفيرهم، فإن التكفير له حكم آخر يبنى على معرفة قول الشخص وما لديه من الباطل ومدى مخالفته للحق، فلا يجوز أن يقال إنه يلزم من ذم مذهب الخلف، أو الإنكار على الأشاعرة ما وقعوا فيه من تأويل الصفات وتحريفها إلا صفات قليلة استثنوها القول بتكفيرهم، وإنما المقصود بيان مخالفتهم لأهل السنة في ذلك وبطلان ما ذهب إليه الخلف من التأويل، وبيان أن الصواب هو مذهب السلف الصالح ـ وهم أهل السنة والجماعة ـ في إمرار آيات الصفات وأحاديثها وإثبات ما دلت عليه من الأسماء والصفات على الوجه اللائق بالله سبحانه من غير تحريف ولا تعطيل ولا تأويل ولا تكييف ولا تمثيل. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني