الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يصح عقد النكاح بلا مهر

السؤال

رجل أراد أن يتزوج ببنت عمه وبالرغم من العلاقة الأسرية الحميمة بين الأسرتين هل يعفى عن المهر، بالرغم من أن الرجل يحاول أن يعطي المهر، لكن عمه يحاول أن لا يأخذ أي شيء وبالمحاولات العديدة من قبل الرجل إلا أن عمه في كل مرة يقول له احتفظ به حتى وقت تجهيز البنت؟ وإذا حدث الزواج، فهل يصح بدون أخذ المهر؟ وماذا يسمى هذا الزواج؟ وهل يعتبر المهر شرطا من شروط الزواج شرعاً؟ أرجو التوضيح مع تمنياتي لكم بالتوفيق.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالمهر ليس شرطاً من شروط النكاح ولا ركنا من أركانه فيصح عقد النكاح بدون تسميته، أو استلامه، هذا مذهب الجمهور، جاء في الموسوعة الفقهية: والمهر ليس شرطاً في عقد الزواج ولا ركنا عند جمهور الفقهاء، وإنما هو أثر من آثاره المترتبة عليه، فإذا تم العقد بدون ذكر مهر صح باتفاق الجمهور، قال الله تعالى: لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً ـ فإباحة الطلاق قبل المسيس وقبل فرض صداق يدل على جواز عدم تسمية المهر في العقد. انتهى.

وبالرغم من عدم اشتراط المهر لصحة النكاح إلا أنه حق خالص للمرأة فرضه الله لها على الزوج، وليس لأحد من أهلها أن يسقطه، والمطالبة به حق للمرأة، ويجوز لها أن تسقطه كله، أو بعضه إذا طابت بذلك نفسها، قال تعالى: وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا {النساء:4}.

قال القرطبي في تفسيره لهذه الآية: هذه الآية تدل على وجوب الصداق للمرأة وهو مجمع عليه. انتهى.

ولا مانع من تأجيل دفعه إلى أجل معين كوقت تجهيز الزوجة إذا اتفق على ذلك وإن كان مقصود العم من قوله: احتفظ به حتى وقت تجهيز البنت ـ هو أن يكون المهر في مقابل تجهيز بيت الزوجية، فهذا ليس من حقه عند من يقول بأن الجهاز يكون على الزوج في كل الأحوال، وأما من يرى وجوب الجهاز على الزوجة فإنه يصح وقد اختلف أهل العلم في الجهاز على النحو التالي، جاء في الموسوعة الفقهية: مذهب الشافعي: عدم إجبار المرأة على الجهاز، وهو المفهوم من نصوص الحنابلة، فلا تجبر هي ولا غيرها على التجهيز، فقد جاء في منتهى الإرادات: وتملك زوجة بعقد جميع المسمى، ولها نماء معين كدار والتصرف فيه.

أما الحنفية: فقد نقل الحصكفي عن الزاهدي في القنية: أنه لو زفت الزوجة إلى الزوج بلا جهاز يليق به فله مطالبة الأب بالنقد، وزاد في البحر عن المنتقى: إلا إذا سكت طويلا فلا خصومة له، لكن في النهر عن البزازية: الصحيح أنه لا يرجع على الأب بشيء، لأن المال في النكاح غير مقصود، ومفهوم هذا أن الأب هو الذي يجهز، لكن هذا إذا كان هو الذي قبض المهر، فإن كانت الزوجة هي التي قبضته فهي التي تطالب به على القول بوجوب الجهاز وهو بحسب العرف والعادة، وقال المالكية: إذا قبضت الحالَّ من صداقها قبل بناء الزوج بها فإنه يلزمها أن تتجهز به على العادة من حضر، أو بدو، حتى لو كان العرف شراء دار لزمها ذلك، ولا يلزمها أن تتجهز بأزيد منه، ومثل حال الصداق ما إذا عجل لها المؤجل وكان نقداً، وإن تأخر القبض عن البناء لم يلزمها التجهيز سواء أكان حالا أم حل، إلا لشرط، أو عرف، أي فإنه يلزمها التجهيز للشرط، أو العرف. انتهى.

فالحاصل أن ما تعلق بالمهر مما ذكرته ليس مؤثراً على صحة النكاح، وعلى أبي الزوجة أن لا يمنعها من حق تملك مهرها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني