الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس للأب التنازل عن مستحقات ابنه الميت إلا برضا بقية الورثة

السؤال

أفيد فضيلتكم بأنه كان لي ابن وقد تقدم بطلب توظيفه عن طريق التعاون بين مكتب العمل والعمال بعسير والمؤسسات المدنية الأخرى وقد تم إجراء عقد بينه وبين مؤسسة براتب على أن يكون نصف الراتب من قبل المؤسسة وهو: 1800ـ ريال والنصف الآخر من قبل الدولة إلى أن ينتهي تدريبه من قبل المؤسسة العامة للتدريب المشترك وبعد ذلك مباشرة ينتقل عمله لتلك المؤسسة ثم تتولى المؤسسة صرف رواتبه من قبلها وفعلاً تم تدريبه لعدة أسابيع عن طريق الكلية التقنية بعسير ثم بعد ذلك اشترك في دورة أخرى لدى الغرفة التجارية في مجال البيع وبعد تخرجه من الدورة عمل لدى تلك المؤسسة، ولكنه لم يستمر ولم تسلم له أي ميزة مالية خلال فترة التدريب، أو العمل لدى المؤسسة، علماً بأن بداية توظيفه وتحويله للمؤسسة من قبل مكتب العمل والعمال كان بتاريخ: 18/1/1428هـ ـ وقد انتقل ذلك الابن إلى رحمة الله على أثر حادث مروري بتاريخ: 19/12/1429هـ ـ وبعد وفاته أصبحت أتردد على عدة جهات رسمية ومدنية أبحث عما إذا كان له أو عليه مستحقات، ومن ضمن تلك الجهات الرسمية قمت بمراجعة مكتب العمل والعمال بعسير وطلبت منهم البحث بواسطة رقم الهوية الوطنية للتأكد هل كان ـ يرحمه الله ـ موظفا لدى جهة حكومية من عدمه؟ وقد أفادوني بأن السجلات لديهم تشير إلى أنه موظف وهويته لا تزال على ملاك تلك المؤسسة التي قامت بتوظيفه قبل وفاته وقد راجعت تلك المؤسسة بهدف حل الموضوع بطرق سلمية قبل أن تكون نظامية، ولكنهم لم يتجاوبوا معي وأشعروني بأنه ليس لديهم ولا يعرفون عنه أي شيء لا سابقاً ولا حاضراً، وبتاريخ: 26/2/1432هـ ـ تقدمتُ بشكوى ضد تلك المؤسسة لدى مكتب العمل والعمال بعسير طالباً فيها محاسبة تلك المؤسسة على عدم استبعاد اسم ابني من سجلاتهم عندما تم غيابه مع صرف مستحقاته من قبلهم إن وجدت وقد قوبلت بحسن الاستجابة والتفهم من قبل مكتب العمل والعمال وفعلاً أُعطيت خطاب إحضار لمدير تلك المؤسسة لأخذ أقواله حيال الشكوى المقدمة لهم من قبلي وتم حضور مندوب مفوض وكانت إجابته بأنه لا يعرف عن موضوع ابني أي شيء خلال وجوده هو أيضاً بتلك المؤسسة وأخيراً أراد الموظف المسئول بمكتب العمل والعمال أن يصلح بيننا دون اللجوء إلى الطرق النظامية حيث فهمت منه أن عقاب تلك المؤسسة سيكون صعبا لقاء التحفظ على إبقاء اسم ابني على ملاك المؤسسة دون إسقاط اسمه ورضيتُ بصلح ذلك الموظف وحينها عرض علي بأن تقوم المؤسسة بدفع مبلغ مالي قدره: خمسة عشر ألف ريال ـ مقابل تنازلي عن إكمال مطالبتي وكتابة إقرار بذلك وقد رضينا جميعاً أنا ومندوب المؤسسة وتم تحديد موعد من قبل الموظف لإحضار المبلغ وتسليمه لي وفعلاً تم تواجدنا جميعاً في الوقت المحدد واستلمت ذلك المبلغ إلا أن ذلك المندوب قال لي قبل تسليمي المبلغ أنا أريد أن أوصل لك رسالة فقلتُ له سمعاً وطاعة أعطني ما لديك، فقال لي أريد أن أقول لك بأن هذا المبلغ محسوم مـن من رواتب عدد 3موظفين وأن مرتب بعضهم قليل، فقلتُ له وما ذنب الموظفين الذين ذكرتهم في ذلك؟ ولماذا لم يكن من ميزانية المؤسسة؟ فقال لي لأنهم هم المتسببون في عدم إسقاط اسم ولدك من سجلات المؤسسة، فقلت له هذا شأن مدير المؤسسة وليس لي أنا أي ذنب، وأنا أعرف بأن بعض المؤسسات تقوم بالتستر على الأسماء لديها وإيهام الجهات بأن تلك الأسماء أصحابها على رأس العمل وفي الحقيقة هم غير موجودين ورواتبهم تستغل من قبل ضعاف النفوس وقد قرأت عدة قصص مشابهة لهذه القصة ويطالبون باستحقاقاتهم خلال سنوات كثيرة، هذه مجمل قصة ابني مع المؤسسة التي تعاقد معها وسؤالي يكمن فيما يلي:
1ـ هل عليّ ذنب في الشكوى ضد تلك المؤسسة وحصولي على المبلغ الذي تم الصلح عليه من قبل الموظف المذكور؟.
2ـ هل علي إثم إذا كان ما يدعيه المندوب من أن المبلغ تم حسمه من الموظفين المذكورين؟.
3ـ إذا كان لا يوجد هناك أي إشكالية، فهل أتصرف في ذلك المبلغ كيف ما أشاء بصفتي والد المتوفي ولي أحقية فيه وفي ما يملكه؟ أم أقوم بإنفاقه لأي جهة خيرية يراها فضيلتكم؟ أم إعادته للمؤسسة والتنازل عنه؟
أرجو سرعة إجابتي، لأن أكثر المبلغ موجود ولم ينقصه إلا أنني قمت بدفع مبلغ بسيط مساهمة في فرش مسجد على نية المتوفي وكذلك مساعدة أحد المحتاجين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن مسائل النزاع والخصومة لا تنفع فيها الفتوى التي تصاغ بناء على سماع طرف واحد، ولكننا نقول من حيث العموم ونلخص إجابتنا في الآتي:

أولا: أن لك الحق في مطالبة الشركة بمستحقات ابنك عليها، نظير عمله فيها، وقد ذكرت أنه لم يستلم منها راتبا طيلة عمله فيها وتدربه لديها.

ثانيا: أنه لا يجوز لك التنازل عن بعض مستحقات الابن إلا إذا رضي باقي الورثة ووكلوك في ذلك، وكونك أبا فإنك لست صاحب الحق الوحيد.

ثالثا: المال الذي أخذته إن كان صلحا عن مجرد بقاء اسم ابنكم مقيدا بسجلات الشركة، فليس من حقك أخذه، وأما إن كان ذلك المبلغ يساوي مستحقات ابنكم في الشركة، أو بعض حقه ورضي الورثة بالتنازل عن الباقي فلا حرج عليكم فيه، وعلى هذا الافتراض وكون ذلك المبلغ يعتبر تركة فما صرفته صدقة عن الابن فهو من نصيبك ويحتسب عليك ما لم يرض الورثة بكونه من نصيب الجميع.

رابعا: إذا كانت الشركة ارتكبت خطأ قانونيا بإبقاء اسم ولدك في سجلاتها ولم يلحق ضرر لذلك، فالتنازل عن هذا الخطأ ليس إليك إذا كان من الحق العام، وأخذ تعويض عنه أخذ للمال بالباطل، وإنما عليك إبلاغ الجهات المعينة إن كان فعل المؤسسة منكرا لا يقدر على إنكاره وإزالة آثاره إلا أنت.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني