الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يقع طلاق الموسوس إذا كان بإرادته ليتخلص من الشك

السؤال

ما حكم الموسوس الذي يطلق زوجته طلقة واحدة وظل شاكا في باقي الطلقات هل هي واقعة أم لا وذهب وطلقها حتى يتخلص من الشك وحتى لو رجعت له بعد نكاح رجل آخر والطلاق منه ترجع له وهي ليس عليها ولا طلقة لتقليل حدة الوسوسة؟ وهل لو شك مريض الوسواس في أن الطلاق نتج عن وسواس، أو إرادة يحكم به؟ وهل صحيح أن طلاق الموسوس لا يقع إلا إذا كتبه أمام القاضي وهذا قول الشيخ العلامة ابن عثيمين؟ وهل لمريض الوسواس أخذ رخص شرعية في أحكام الطلاق حتى لو اعتبره طلاقا، لأنه في الأساس يعتبر كل شي طلاقا؟ فما بالك بما يتكلم به، وكيف يمكن التفريق بين الطلاق الذي يقع بسبب الوسواس والذي يقع بإرادته؟ ألا يوجد للموسوس حكم محسوس لا تردوه إلى نفسه وإرادته وغيرها حتى يتأكد أنه بإرادته، أو بغيرها مثل أن يكون الطلاق الواقع هو أمام القاضي، أو أمام زوجته وشهود وغير ذلك، وهل يوجد حكم معتبر أن الطلاق لا يقع إلا بشهود؟ أنا أعرف أنكم لا تأخذون به لكن هل يوجد حكم؟ وهل للموسوس أخذه حتى بعد مرور 8 أشهر على الحادثة للتقليل من اكتئابه؟ وآخر سؤال: هل الشك في أن الطلاق ناتج عن وسوسة أم إرادة يعتبر ويؤخذ به؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلم نقف على قول للشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ أو غيره من العلماء بعدم وقوع طلاق الموسوس إلا إذا كتبه أمام القاضي، لكن ما يقع من الموسوس بسبب الوسوسة من تلفظ بطلاق فلا يقع به الطلاق ما دام مغلوبا على ذلك غير مختار لما يصدر منه من قول، أو فعل، أما إذا صدر من الموسوس قول، أو فعل باختياره غير مغلوب عليه فهو مؤاخذ به، وانظر الفتويين رقم: 56096، ورقم: 142465.

فإذا طلق الموسوس بإرادته واختياره ليتخلص من الشك فطلاقه واقع، لكن هذا المسلك خاطئ، وإنما ينبغي الإعراض عن الوساوس جملة وتفصيلا، قال الشيخ ابن عثيمين: وقد ذكر لي بعض الناس الذين ابتلوا بمثل هذا أنه قال مرة من المرات مادمت في قلق وتعب سأطلق فطلق بإرادة حقيقية تخلصاً من هذا الضيق الذي يجده في نفسه وهذا خطأ عظيم والشيطان لا يريد لابن آدم إلا مثل هذا أن يفرق بينه وبين أهله ولا سيما إذا كان بينهم أولاد فإنه يحب أن يفرق بينهم أكثر لعظم الضرر، والعدو كما هو معلوم لكل أحد يحب الإضرار بعدوه بكل طريق وبكل وسيلة، والطريقة التي فعلها هذا الذي ذكر لي الطريقة ليست بصواب وليس دواء من ابتلي بالوسواس أن يوقع ما يريده الشيطان منه، بل دواؤه أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.

وأما عن التماس الموسوس للرخص في أحكام الطلاق فقد بينا أن ما يقع منه بسبب الوسوسة غير واقع، وأما ما يقع منه باختياره فإنه يعمل بما يطمئن إليه قلبه، فإن استفتى فيه من يثق بفتواه عمل بها وإن رفع الأمر للقاضي فإن حكم القاضي يرفع الخلاف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني