الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التصرف في الميراث إذا اشتمل على فوائد ربوية

السؤال

كان أبي يضع أمواله في البنك، ويأخذ عليها فوائد، وينفق منها على البيت، والبعض منها يدخل في تجارته، علما أنه كان جاهلا بحرمة الفوائد، وبعد عدة سنوات أخبرته والدتي أنها سمعت من بعض المشايخ أن الفوائد البنكية حرام، فقام أبي بسؤال بعض مشايخ الأزهر فقالوا له إنها حلال، وبناء على هذه الفتوى لم يخرج أبي الأموال من البنك، وظل يأخذ عليها فوائد. وقبل أن يموت بثلاث سنوات أخرج الأموال من البنك ليضعها في تجارة له ، والسؤال هو :
هل يجب علينا حساب ما أخذه أبي من الفوائد وإخراجها من التركة قبل أن توزع؛ علما بأننا لا نعلم ما هو قدر الفوائد التي أخذها من البنك. معذرة للإطالة، وشكرا على سعة صدركم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كانت الفوائد المذكورة هي نتيجة إيداع المال في بنوك ربوية فهي محرمة، لكن سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 137341. أن ما كان استعمله أبوكم من الفوائد جاهلا بحرمته متبعا من أفتوه بإباحته فلا حرج عليه فيه. ولا يلزمكم إخراج بدله.

وأما ما كان باقيا من تلك الفوائد فيجب التخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين ودفعه إلى الفقراء والمساكين . وكونه إرثا لا يبيح ذلك امتلاكه، والتصرف فيه، لكن من كان من الورثة فقيرا فيجوز أن يعطى منه بقدر حاجته.

قال النووي في المجموع: (وله ( أي حائز المال الحرم) أن يتصدق به على نفسه وعياله إن كان فقيراً .. وله أن يأخذ قدر حاجته لأنه أيضاً فقير.)

وقال ابن رشد الجد المالكي: وأما الميراث فلا يطيب المال الحرام هذا هو الصحيح الذي يوجبه النظر. اهـ

وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى عن رجل مراب خلف مالاً وولداً وهو يعلم بحاله، فهل يكون حلالاً للولد بالميراث أم لا؟ فأجاب (وأما القدر الذي يعلم الولد أنه ربا فيخرجه: إما أن يرده إلى أصحابه إن أمكن، وإلا تصدق به، والباقي لا يحرم عليه، لكن القدر المشتبه يستحب تركه وإن اختلط الحلال بالحرام وجهل قدر كل منهما جعل ذلك نصفين) انتهى

وإذا لم تعلموا مقدار الباقي من الفوائد احتطتم في ذلك حتى تتيقنوا أنكم أخرجتم الحرام. قال الإمام القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (3/ 366): "قَالَ عُلَمَاؤُنَا إِنَّ سَبِيلَ التَّوْبَةِ مِمَّا بِيَدِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ الْحَرَامِ إِنْ كَانَتْ مِنْ رِبًا فليردها على من أربى عليه، ومطلبه إِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا، فَإِنْ أَيِسَ مِنْ وُجُودِهِ فَلْيَتَصَدَّقْ بِذَلِكَ عَنْهُ. وَإِنْ أَخَذَهُ بِظُلْمٍ فَلْيَفْعَلْ كَذَلِكَ فِي أَمْرِ مَنْ ظَلَمَهُ. فَإِنِ الْتَبَسَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَلَمْ يَدْرِ كَمِ الْحَرَامُ مِنَ الْحَلَالِ مِمَّا بِيَدِهِ، فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى قَدْرَ مَا بِيَدِهِ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ، حَتَّى لَا يَشُكَّ أَنَّ مَا يَبْقَى قَدْ خَلَصَ لَهُ فَيَرُدُّهُ مِنْ ذَلِكَ الَّذِي أَزَالَ عَنْ يَدِهِ إِلَى مَنْ عُرِفَ مِمَّنْ ظَلَمَهُ أَوْ أَرْبَى عَلَيْهِ. فَإِنْ أَيِسَ مِنْ وُجُودِهِ تَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ." انتهى

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني