الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحلف بالله والطلاق وما يترتب على الحنث فيه

السؤال

أنا شاب متزوج منذ 6 سنوات، وضعي المادي والاجتماعي جيد جدا وأنا شاب ملتزم بالصلاة والزكاة والصدقات، لكنني حديثا أكثر من حلف اليمين والطلاق حتى لأتفه الأسباب وأحيانا أتراجع عن اليمين، أو أنساه فما حكم حلف اليمين؟ وما هي الكفارة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان المراد باليمين الحلف بالله تعالى فإنك إذا تراجعت عنه فحنثت فيه لزمتك الكفارة، وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام، ويحصل الحنث بفعل المحلوف على تركه، أو ترك المحلوف على فعله، وبعض العلماء يرى أن الحنث هنا يحصل بمجرد العزم على ترك المحلوف على فعله إذا لم يحدد له أجلاً معيناً، قال الصاوي: فِيهَا الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ: هُوَ بِالْفِعْلِ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ وَالْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ إنْ لَمْ يَضْرِبْ لِيَمِينِهِ أَجَلًا.

أما إذا لم تكن لك نية معينة باليمين فالمرجع إلى العرف في ذلك، قال الشيخ عليش: في جوابه عن رَجُلٍ قَالَ عَلَيَّ الْيَمِينُ مَا أَخَذْت الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ نِسْيَانًا مِنْهُ, وَلَمْ يَقْصِدْ بِصِيغَتِهِ شَيْئًا مُعَيَّنًا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخَذَهُ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ، أَوْ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ؟ يَلْزَمُ هَذَا الرَّجُلَ مَا جَرَى بِهِ عُرْفُ أَهْلِ بَلَدِهِ، فَإِنْ جَرَى الْعُرْفُ بِأَنَّهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ لَزِمَهُ طَلْقَةٌ, وَإِنْ جَرَى بِأَنَّهُ ثَلَاثَةٌ لَزِمَهُ ثَلَاثٌ, وَإِنْ لَمْ يَجْرِ بِالطَّلَاقِ أَصْلًا لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ.

وأما الحلف بالطلاق فيقع به الطلاق عند وقوع المحلوف عليه عند الجمهور ـ وهو المفتى به عندنا ـ خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية الذي يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع المحلوف عليه، لزم الحالف كفارة يمين ولا يقع به طلاق، وانظر الفتوى رقم: 11592.

فعلى قول الجمهور لا يمكنك التراجع عن الحلف بالطلاق، فإما أن تنفذ ما حلفت عليه وإلا وقع الطلاق.

وأما نسيان الحلف بالطلاق، أو اليمين وفعل المحلوف عليه حال النسيان فالراجح عندنا عدم حصول الحنث بفعل المحلوف عليه نسيانا ـ سواء كان الحلف بالطلاق، أو بالله ـ وانظر الفتوى رقم: 137567.

وننبه إلى أنه ينبغي اجتناب الحلف بالطلاق فقد ذهب بعض العلماء إلى تحريمه وبعضهم إلى كراهته، وانظر الفتوى رقم: 138777.

والحلف المشروع إنما يكون بالله، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان حالفاً فليحلف بالله، أو ليصمت. رواه البخاري.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني