الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجوب الرضا بالقضاء وعدم الاعتراض على حكم الله تعالى

السؤال

أنا مشكلتي تتمثل في الغضب الشديد، والشعور بأن الله غير راض عني، فأنا أكفر في بعض الساعات، وأقول ماذا يريد الله مني، وهو خلق أشياء لا معنى لها، مثلا عندما أصاب بالمرض أصبر، ثم أشعر بالضيق بعد فترة قليلة، ويكون من داخلي يقول إن الله سبب كل مرضي ومصائبي وكل مصيبة تحصل لي، أشعر أن الله هو السبب فيها، وأن كل حظي السيء هو سببها، مع العلم أني مصاب بمرض الوسواس القهري بوسواس الطهارة والنظافة وأتابع حاليا مع طبيب، سؤالي هو: هل يمكن أن يعاقبني الله في عملي أو يجعلني غير سعيد في حياتي بسبب ذلك، أرجوكم بشدة أرجوكم أن تعطوني سيد الأدعية لجلب الرزق، أو آية من القرآن الكريم لجلب الرزق (هل هي الواقعة)، برجاء الرد على نفس البريد الإلكتروني؟ وجزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أنه لا يجوز لمسلم أن يتسخط أقدار الله تعالى، أو أن يعترض على حكمه، بل الواجب على المسلم أن يرضى بقضاء الله تعالى، ويصبر لحكمه جل شأنه، ويعلم أنه تعالى حكيم يضع الأشياء في مواضعها ويوقعها في مواقعها، وأنه تعالى لا يقضي قضاء إلا كانت له فيه الحكمة البالغة التي تعجز عقول البشر القاصرة عن إدراكها، والمؤمن الحق مهما أصابه من مصاب، فإنه يصبر ويعلم أنه عبد لله تعالى، لا خروج له عن تدبيره وتصريفه، ويعلم أن في صبره الخير الكثير، بل ربما كان هذا البلاء منحة من الله تعالى له لما يترتب عليه من حسن الأثر وعظيم الثواب، كما قال صلى الله عليه وسلم: عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. وقال الله عز وجل: مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ. قال علقمة: هو العبد تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم.

فحذار حذار أيها الأخ الكريم من اتهام الله تعالى في أقضيته، بل عليك أن تتوب إلى الله تعالى مما سلف منك، وأن تعلم أن المصائب قد تصيب العبد بسبب ذنوبه كما قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ {30}، وإن كان هذا الذي ذكرته مجرد وساوس تقع في نفسك فإنها لا تضرك إن شاء الله ما جاهدت نفسك في دفعها والتخلص منها.

وأما ما يعين على سعة الرزق فأهم سبب في ذلك هو تقوى الله تعالى القائل: وَمَن يّتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3}، والإكثار من الاستغفار، فإن الله تعالى يقول إخبارا عن نوح عليه السلام: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا {نوح:10-11-12} ودعاء الله تعالى وسؤاله سعة الرزق من أهم أسباب حصول الرزق الوفير للعبد، فإن الخير كله بيد الله عز وجل، وليس هناك دعاء أو ذكر مخصوص يختص بجلب الرزق فيما نعلم، وقد ورد في حديث ضعيف أن لسورة الواقعة أثرا في منع الفقر.. وأما ما تعاني منه من الوسواس فالذي ننصحك به هو الإعراض عنه وعدم الالتفات إليه، فإن الاسترسال مع الوساوس من أعظم ما يجلب الشر على العبد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني