الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يتصرف الورثة في الهبة التي لم يراع فيها العدل

السؤال

نحن خمسة إخوة من والدتين ـ أخ وأخت شقيقان ـ أنا وأخ وأخت أشقاء ـ وللأسف هناك بعض الحساسيات بين الطرفين، وقد تنازل والدي عن عقار له لأحد إخوتي على أن ينصف أختي الثانية ـ هذا ما علمته مؤخرا بعد وفاته ـ ثم حاول أن يتنازل عن عقار آخر لي، أو لأخي ـ لشخص واحد كي لا يتشتت الملك، أو يذهب دون اتفاق ـ على أن ننصف بقية إخوتنا، لكننا رفضنا تخوفا من أية مشكلة مع الإخوة الآخرين وخوفا من الدخول في موضوع قد يكون فيه ظلم، ولكن على ما يبدو كان يقصد الإخوة الأشقاء فقط ـ كما استنتجت بعد وفاته من ورقة قرأتها ـ لم نكن راضين عن المسألة الأولى، لكن أبدينا اعتراضنا في البدء ثم لم نكرر الاعتراض حتى لا نزعج والدي المريض عصبيا، والآن وبعد وفاته هل تحق لنا المطالبة بحصة من ذلك العقار، علما أيضا أن والدي قد وزع في السابق عقارين أحدهما لأخي الأول ـ من أعطاه العقار الأول ـ والثاني لي ولأخي الثاني الذي رفض معي الأمر السابق، حيث تقدر قيمة حصتنا فيه أقل كثيرا من حصة أخي الأول وزاد الفرق ليصبح أكثر من الضعف بعد إضافة حصته من العقار الجديد، ومن جهة ثانية هل يحق للأختين الباقيتين المطالبة بحصة من العقارين الموهوبين في الأول؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالعدل بين الأولاد ـ ذكورا كانوا، أو إناثا ـ في الهبة واجب شرعا، ولا يجوز تخصيص أحدهم بشيء من ذلك دون مسوغ شرعي، فإن فعل ذلك فالهبة باطلة وترد إلى التركة بعد مماته، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: يجب عليه أن يرد ذلك في حياته كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وإن مات ولم يرده رد بعد موته على أصح القولين أيضاً طاعة لله ولرسوله، ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل، بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به اهـ.

وراجع في ذلك الفتوى رقم: 107734.

وعلى ذلك، فيجب النظر في ما ملكه الوالد في حياته لكل واحد من أبنائه، فما كان منه بغير مسوغ ولم يعط لبقيتهم ما يتحقق به العدل فالراجح أنه يجب رده إلى التركة ليقسم بين جميع الأبناء على مقتضى الميراث الشرعي، وبالتالي يحق لمن حُرم العدل من الأولاد أن يطالب بفعل ذلك، إقامة للعدل المطلوب شرعا.

وأما ما كان منه لمسوغ من نحو مرض، أو فقر، أو حاجة نزلت به دون بقية إخوته، فهو لمن وهِب له دون بقية الأولاد، على الراجح، قال ابن قدامة في المغني: إن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة، أو زمانة، أو عمى، أو كثرة عائلة أو اشتغاله بالعلم، أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه، أو بدعته، أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله، أو ينفقه فيها فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني