الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات ولم يعط أخواته نصيبهن من إرث والده

السؤال

مات قريب لي، ولم يعط نصيب أخواته البنات من إرث أبيهم؛ لأن الإخوة الذكور كلهم لم يعطوا هذا النصيب للبنات. فهل هذا الذنب معلق في الميت أم ينتقل لأبنائه؟ أرجو الإفادة مع تقديم النصيحة لنا. وجزيتم عنا خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فحرمان البنات من الإرث عادة جاهلية أبطلها الله بقوله تعالى : لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا {النساء:7}.

والواجب على من أراد التوبة من هذا الذنب أن يرد ما أخذه من الحقوق إلى أصحابها . وإذا انتقل المال إلى ورثة من كان مدينا بشيء من الحقوق، فليس لورثته حق في تركته قبل أداء تلك الحقوق ؛ لأنها ديون في ذمة مورثهم، وسداد الدين مقدم على حق الورثة في الإرث. وإذا ضاقت التركة عن جميع الديون، فإن الورثة لا يطالبون بأداء أكثر مما ورثوه، ولكنهم إن سددوا عنه من الديون أكثر مما استفادوا من الإرث كان ذلك منهم صدقة عليه يثابون عليها، وهي من البر به .

فننصح ورثة قريبك بالسعي في إبراء ذممهم وذمته مما عليهم من الحقوق . كما ننصح بذلك كل أولئك الإخوة الذين استولوا على تلك الأموال بغير حق .

فإذا دفع كل الورثة ما عليهم من هذا المال، فالأمر واضح. وإن امتنع البعض منهم من الدفع فهل الذي يدفعه غير الممتنع هو ما زاد على قدر حصته من أصل التركة؟ أم أنهن يشاركنه في حصته كأنها هي كل المال المتروك .

والظاهر أن الاحتمال الثاني هو الصحيح ؛ لأن القدر الذي أخذه الممتنعون يعتبر مغصوبا، وبالتالي فهو مال معدوم . وهن لسن أولى بتحمل ضرر الغصب من سائر الورثة.

وهذا الحكم يستنبط من استدلال الحنفية لمذهبهم في إقرار بعض الورثة بوارث . فهو عندهم يكون شريكا للمقر في جميع حصته، وتعتبر عندهم حصة المقر هي كل المال المتروك .

جاء في المبسوط : وإذا مات الرجل، وترك ابنين فادعى أحدهما أختا يعني بنتا للميت، وكذبه الآخر، فإن الأخت تأخذ من المقر بها ثلث ما في يده عندنا ... وهذا ؛ لأن الجاحد استوفى زيادة على حقه فيجعل ذلك في حقه بمنزلة ما لو غصبه غاصب فلا يكون ضرره على بعض الورثة دون البعض. والحاصل أنه يجعل الجاحد مع ما في يده في حق المقر كالمعدوم، فكأن جميع التركة ما في يد المقر، وهو الوارث خاصة، فيقسم ذلك بينه وبين أخته أثلاثا . اهـ.

وفي الموسوعة الفقهية : فإذا توفي الميت عن ابنين، وأقر أحدهما بثالث وأنكر الثاني . فقد قال مالك وأبو حنيفة وأحمد : إن للمقر له حقا على المقر، فيشاركه في ميراثه، لكن اختلفوا في القدر الذي يجب على المقر إعطاؤه للمقر له، فقال مالك وأحمد: عليه أن يعطيه ما زاد عن نصيبه فيما لو ثبت نسب المقر له أي الثلث ما في يده. وقال الإمام أبو حنيفة: يعطيه نصف ما في يده؛ لأن المقر بمقتضى إقراره يقول للمقر له: أنا وأنت سواء في ميراث أبينا، وما أخذه المنكر فكأنه تلف أو أخذته يد معتدية، فنستوي فيما بقي وهو الذي بيدي . اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني