الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يلزم السارق إن جهل مكان من سرقه

السؤال

إذا أحد سرق شيئا من أحد والآن لا يعرف مكان الشخص حتى يرجع له هذا الشيء، فهل يجوز بقيمته أن يسوي له صدقة جارية باسمه؟ وإذا كان لا يجوز فماذا يفعل؟.
س2: هل من الممكن أن يرسل الشخص بدل الشيء الذي سرقه قيمته يعني قيمة الشيء بعد بيعه بدل ما يروح هو شخصيا عند الشخص؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالسرقة من أعظم المنكرات، ومن كبائر الذنوب، ومن هنا فقد رتب الشارع عليها في الدنيا عقوبة عظيمة كما في قوله سبحانه: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {المائدة:38}.

وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله السارق، يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده.

لكن من استتر بستر الله عليه ولم يفضح نفسه بالكشف عما ألم به فذلك هو الأولى، لقوله صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله تعالى، وليتب إلى الله تعالى فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله. رواه الحاكم من حديث ابن عمر، ورواه مالك في الموطأ مرسلاً عن زيد بن أسلم.

ومن تاب تاب الله عليه، لكن لا بد في التوبة من السرقة من رد الحق إلى صاحبه والتحلل منه، والقاعدة الشرعية فيما اعتدي عليه وأتلف من حق الغير بغصب، أو سرقة ونحوها أن المثلي يضمن بمثله والمتقوم يضمن بقيمته وجاء في الموسوعة الكويتية: لا خلاف بين الفقهاء في وجوب رد المسروق إن كان قائما إلى من سرق منه سواء كان السارق موسرا، أو معسرا، وسواء أقيم عليه الحد، أو لم يقم، وسواء وجد المسروق عنده، أو عند غيره، لما روي من أن الرسول صلى الله عليه وسلم رد على صفوان رداءه وقطع سارقه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤدي.

وبناء عليه فإن كان الشيء المسروق لا يزال بيد سارقه فلا بد أن يرده إلى صاحبه وليس له بيعه وإرسال قيمته لكن يمكنه إيصاله بالحيلة وعدم مباشرة ذلك إذا كان في رده مباشرة خوف أذى، أو خشية ضرر ونحوه والمقصود هو إيصال الحق إلى صاحبه بأي وسيلة ممكنة لا ضرر فيها، لقوله: صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرار. رواه أحمد.

وإن لم يمكن إيصال الحق إلى صاحبه للجهل به، أو بمكانه فيتصدق به عن صاحبه مع ضمانه له متى وجد فهو مخير بين إمضاء الصدقة ويكون له أجره، أو أخذ حقه ويكون أجر الصدقة للمتصدق، لما في مصنف ابن أبي شيبة قال: حدثنا أبو بكر قال حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال: إن كان عليك دين لرجل فلم تدر أين هو وأين وارثه؟ فتصدق به عنه, فإن جاء فخيره.

وفي هذه الحالة إذا جعل قيمة المسروق في صدقة جارية فهو أنفع وأفضل، لما في الصدقة الجارية من استمرار الأجر ببقاء عينها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني