الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

باع نصيبه لأخيه بثمن بخس إرضاء لأبيه فهل له المطالبة بالفرق بعد موته

السؤال

توفي والد زوجي العام الماضي، وله ولدان وزوجة، ومنذ تزوجي بابنه منذ 17 عاما، وأنا أعرف أن زوجة الابن الآخر (الأكبر) كثيرة المشاكل مع والدي زوجها، وحاولت أن توقعني معها في تلك المشاكل، ولكنني والحمد لله أخاف الله، ولا أرى سببا لأظلم والدي زوجي، وأحبهما وهما يحبانني كثيراً، ولم يبخلا على أبنائهم بشيء، ولكن زوجة الابن كانت تختلق المشاكل، وتؤذي والدي زوجها، وكان زوجها يصدقها في كل شيء، وادعت علي بعد زواجي بقول كلام عنها لم يحدث، وتبين ذلك لزوجي ووالديه؛ لأن هذا الكلام حدث قبل زواجي، وأنا لا أعلم عنه، وقاطعت أهل زوجي من قبل زواجي لمشاكلها معهم، وبعد مشاكلها معي قررت ألا أختلط معها، ولا أتعامل معها، وأيدني زوجي في ذلك؛ لأنها كانت دائما تسعي لخراب بيتي وإفساد زواجي. المهم طوال 16 عاما الزوجة لم تصطلح مع أهل زوجها إلا لفترات قليلة، وكانت لغرض ما والله أعلم، وكان الابن يمنع أولاده عن زيارة جديهم برغم أن الابن يسكن في شقة في منزل الأب، وقبل وفاة الأب بثلاثة أعوام تصالحت زوجة الابن مع والدي زوجها، وبعد فترة بسيطة طلب الابن الاكبر من الأب أن يأخذ سطوح البيت لأنه يحتاج لبناء شقة أخرى توسع عليه، مع العلم أن مساحة كل الشقق واحدة، واتصل الأب بزوجي( الابن الأصغر) ونحن نعمل في دولة عربية، وسأله هل هو موافق على ذلك؟ فأجاب الابن أنه يوافق على ما يريده الأب ويريحه، فقال له الأب إن سطوح هذا البيت سيكون بينهما بالنصف، وقال سوف أثمنه، ووضع ثمنا للسطوح 40 ألف جنيه، وهو الثمن الذي باع به الأب السطوح السابق تمليكا لشخص اشتراه للبناء عليه( وذهب الأب والأم للحج بهذه النقود والحمد لله) فقال الأب للابن الأكبر سأقسم ثمن السطوح الحالي بينكما، وأحسبه بنفس السعر الذي بعت به منذ 10 أعوام، وبذلك قال الأب لزوجي إن لزوجي عند أخيه الأكبر 20 ألف جنيه مع العلم أن ثمن السطوح في ذلك الوقت لايقل عن 100 ألف جنيه، وقام الابن الأكبر بالبناء على سطحين متتاليين لنفسه، وعلى القيمة السابقة، فيكون نصيب زوجي من ثمن السطحين 20 ألف جنيه، وقام الأب بتسجيل الشقتين المبنيتين على هذا السطوح باسم الابن الأكبر لضمان حقه في البناء، بعد وعد الابن الأكبر بدفع 20 ألف جنيه للأخ الأصغر، ولم يحدد مدة السداد، وبعد وفاة الأب بشهرين أعطى الابن الأكبر لأخيه الأصغر 10 آلاف جنيه من الثمن، ويسدد الباقي فيما بعد، ولم يحدد الوقت. وسؤالي هل يجوز حساب ثمن السطحين بنفس ثمن سطح واحد بيع منذ 10 أعوام، ولم يكن زوجي راضيا عن البيع، ولكنه خاف أن يغضب الأب أو أن يترك الابن الأكبر الأب أثناء مرضه ولايهتم به، وقال إن كان أخذها في مقابل رعايته لوالدي لسفري وعدم وجودي فأنا راض. ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما دام زوجك قد رضي ببيع نصيبه لأخيه بذلك المبلغ – ولو حياء - فالبيع صحيح، ولا حق لزوجك في مطالبة أخيه بزيادة ثمن نصيبه، لكن إذا كان الأخ يعلم أن أخاه باعه بهذا الثمن حياء من غير رضا فذلك غير جائز، جاء في حواشي تحفة المحتاج في شرح المنهاج : " .. وَلَا يَجِيءُ هَذَا الْخِلَافُ فِي نَحْوِ بَيْعٍ بِلَا رِضًا ، وَلَا إكْرَاهٍ بَلْ يُقْطَعُ بِعَدَمِ حِلِّهِ بَاطِنًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } وَحَمَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى نَحْوِ بَيْعٍ لِنَحْوِ حَيَاءٍ أَوْ رَهْبَةٍ مِنْ الْمُشْتَرِي " اهـ

وقد بين في موضع آخر أن عدم الحل لا ينافي صحة البيع ، فقال : " ( قَوْلُهُ : بِعَدَمِ حِلِّهِ ) يَأْتِي عَنْ (العبادي) أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مُجَرَّدُ الْحُرْمَةِ لَا عَدَمُ الِانْعِقَادِ "

وعلى كل حال فما دام زوجك قد فعل ذلك إرضاء لوالده وتقديرا لقيام أخيه برعاية والده ، فقد أحسن و ليستبشر خيرا ببركة بره بأبيه وصلته لأخيه وسماحته في البيع .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني