الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الاشتراك في خطبة الجمعة

السؤال

هل تجوز خطبة الجمعة من إمامين في جمعة واحدة؟ مثلا لو كان لمسجد إمامان، وكانا يلقيان الخطبة على الدور. وفي يوم من الأيام تأخر من عليه الدور في تلك الجمعة، وقام الثاني في حالة تأخر الذي عليه الدور لإلقاء خطبته، وفي أثنائها، دخل الذي عليه الدور ونزل الأول ليسمح للذي عليه الدور إلقاء خطبته. فهل يجوز ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد كان على الإمام الذي ابتدأ الخطبة أن يكملها، وعلى الخطيب الذي تأخر أن يدع صاحبه يكمل الخطبتين مع الصلاة، فإنه لا ضير عليه في أن يتولى الخطبة غيره ممن يصلح لذلك، لا سيما إذا تأخر عن الوقت المحدد؛ لأن الأصل أن يتولى الجميع شخص واحد، وهو الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان يخطب الناس ويصلي بهم، وكذلك فعل الخلفاء الراشدون من بعده، وذهب جمهور العلماء إلى استحباب أن يتولى الصلاة من يتولى الخطبة، وليس ذلك بواجب، وذهب المالكية إلى أنه لا يجوز أن يتولى الصلاة غير الخطيب إلا لعذر، وحيث إن ذلك لم يحصل واشتركا في الخطبتين فإن كان أحدهما جاء بإحداهما والآخر بالثانية صح ذلك، وإن اشتركا في خطبة فقد ذكر بعض أهل العلم أن الاشتراك في الخطبة الواحدة غير جائز لغير عذر.

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في الشرح الممتع: لا يشترط أن يتولى الخطبتين من يتولى الصلاة، فلو خطب رجل وصلى آخر فهما صحيحتان، والصلاة صحيحة.لكن هل يشترط أن يتولاهما واحد، أو يجوز أن يخطب الخطبة الأولى واحد والثانية آخر؟ الجواب: يجوز، أي: لا يشترط أن يتولاهما واحد، فلو خطب رجل، وخطب الثانية رجل آخر صح. ولكن هل يشترط أن يتولى الخطبة الواحدة واحد؟ أي: لو أن رجلاً خطب الخطبة الأولى في أولها، وفي أثنائها تذكر أنه على غير وضوء مثلاً فنزل، ثم قام آخر وأتم الخطبة، لم أر حتى الآن من تكلم عليها، ولكنهم ذكروا في الأذان أنه لا يصح من رجلين أي: لا يصح أن يؤذن الإنسان أول الأذان، ثم يكمله الآخر؛ لأنه عبادة واحدة، فكما أنه لا يصح أن يصلي أحد ركعة، ويكمل الثاني الركعة الثانية، فكذلك لا يصح أن يؤذن شخص أول الأذان ويكمله آخر، أما الخطبة فقد يقال: إنها كالأذان أي: لا بد أن يتولى الخطبة الواحدة واحد، فلا تصح من اثنين، سواء لعذر أو لغير عذر، فإن كان لغير عذر فالظاهر أن الأمر واضح؛ لأن هذا شيء من التلاعب. وإذا كان لعذر مثل: أن يذكر الذي بدأ الخطبة أنه على غير وضوء، ثم ينزل ليتوضأ، فهنا نقول: الأحوط أن يبدأ الثاني الخطبة من جديد، حتى لا تكون عبادة واحدة من شخصين. انتهى

وهذا كله فيما إذا بنى الخطيب الثاني على خطبة الأول، أما إذا ابتدأ الثاني خطبتين بأركانها فإن ما فعله صحيح، وإن كان الأولى للخطيب الأول أن يكمل الخطبة بعد أن ابتدأها كما ذكرنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني