الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يشرع للأخ أن يساعد أخاه المقيم في بلاد الكفر بالمال

السؤال

أنا من ليبيا ولي أخ انتقل للعيش في الولايات المتحدة الأمريكية قبل ست، أو سبع سنين لغرض الدراسة علما بأنه حاصل على الجنسية لكونه مولودا بها, ولكونه غير حاصل على بعثة دراسية أخذ في الاشتغال حتى يتمكن من الصرف على نفسه ودراسته, وبعد أن مرت سنوات وجدت أنه لا يدرس ولكنه يشتغل، وبعدها بفترة تزوج مرتين بامرأتين أمريكيتين غير مسلمتين وانتهى الأمر بالطلاق في الحالتين, وفي المرة الأخيرة سجن لمدة تقارب الشهر، وحالته المادية في تلك البلاد سيئة لكونه لا يحمل شهادة لذا اضطر أن يستلف مني ثلاث مرات ومن غيري مبالغ حتى يعيش بها على حد قوله ووعدني بأن تكون المرة الأخيرة، وفي الأسبوع الفائت سجن مرة أخرى لعدم دفعه المبلغ المستحق عليه لصاحبه, لذا طلب مني مساعدته بمبلغ مالي مرة أخرى حتى يدفع هذا المبلغ وحتى يعيش به وأكد لي أنه تغير وأنه يريد إصلاح حاله وأنه متأكد من هذا هذه المرة وشدد في أنه سيبدأ الدراسة مرة أخرى والعمل حتى يحصل على شهادة تأخذ سنتين في العادة، وعمره الآن تسعة وعشرون سنة تقريبا، اقترحت عليه أن أشتري له تذكرة يعود بها إلى تونس، أو ليبيا، أو أي بلد إسلامي، علما بأن الناس بحاجة لكل يد مساعدة في كلا البلدين, لكنه أصر على عدم قبول هذا الرأي وأن بإمكانه الدراسة والعيش وأنه متأكد من هذا الأمر مائة في المائة، والمال الذي في يدي قليل وكانت نيتي أن أتزوج به وأعف به نفسي لكن بإمكاني أنه أقسمه بيني وبينه وما في القلب شيء من حب لهذا المال، لكنني أخشى إن أعطيته هذا المال الآن أن أكون معاونا له على إثم المعيشة بين ظهراني المشركين، وبهذا لا أحصل على أجر الإعانة على الخير ولا على الصدقة، والسؤال: هل إذا أعطيته المال أكون معينا له على الإثم؟ أم أحصل على أجر المتصدق والمعين على الخير؟ أرجوا النصيحة والدعاء لنا عسى الله أن يفك الكرب.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان أخوك عاجزا عن إقامة دينه في تلك البلاد فالهجرة منها واجبة عليه، وأما إن كان قادرا على إقامة دينه فيجوز له أن يقيم فيها وإن كان الأفضل له أن يهاجر إلى بلاد المسلمين، وانظر لتفصيل القول في أحوال الهجرة من بلاد الكفار الفتوى رقم: 149695.

ونحن ننصحك أن تنظر في هذا الأمر إلى المصلحة، فتفعل ما فيه المصلحة الأرجح وما تندفع به المفسدة الأكبر فإن كنت لو امتنعت من دفع هذا المال له أدى به هذا إلى الرجوع لبلاد المسلمين وكان في ذلك الخير له فامتنع عن دفع المال له حرصا على مصلحته، فإن المصالح الدينية هي المقدمة والأولى بالاعتبار، وأما إن كان غير تارك بلاد الكفار بكل حال وكان في صدقتك عليه تأليف لقلبه فلا نرى مانعا من بذل المال له صدقة عليه ولك أجرها ـ بإذن الله ـ مع الاجتهاد في مناصحته وتعليمه أحكام الشرع، وإعانتك له على سداد دينه ما دام أنه ليس عاصيا بسبب هذا الدين، أو كان عاصيا، لكنه تاب، فإعانتك له والحال هذه من الخير الذي تثاب عليه سواء رجع إلى بلاد المسلمين، أو لم يرجع.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني