الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب الفقهاء في خلع الأب عن ابنه وابنته

السؤال

سؤالي عن خلع الأب زوجة ابنه الصغير. لقد قرأت على الإنترنت: فإذا كان صغيراً دون العشر وعقد له أبوه على امرأة دون العشر، ثم طلبت تلك المرأة ولو كانت صغيرة أو طلب وليُّها المخالعة فهل لأبيه أن يخالعها؟ الجواب: لا يجوز ذلك، بل تترك إلى أن يبلغ الصبي ويعقل، فإن وافق على المخالعة فله ذلك، وأما إذا امتنع وقال: أنا أريدها كزوجة فإنه تبقى الزوجية. ما المقصود بـ "فإنه تبقى الزوجية" أريد معرفة تفسير هذه الجملة يعني هل إذا لم يوافق الزوج على الخلع بعد بلوغه وتعقله تجبر البنت على العيش معه أم ماذا؟ أريد تفسير هذه الجمله من فضلكم "فإنه تبقى الزوجية"؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولاً أن نحرر لك حكم المسألة فهي محل اختلاف بين أهل العلم، فمذهب الشافعية والحنفية والرواية المشهورة عند الحنابلة أن الولي -أباً كان أو غيره- لا يجوز خلعه عن الصبي ولا يمضي، وقال المالكية: يمضي خلع الولي عنه إذا ترتبت عليه مصلحة.

جاء في الموسوعة الفقهية: يجوز عند المالكية لولي غير المكلف من صبي أو مجنون أن يخالع عنهما، سواء أكان الولي أباً للزوج أم وصيا أم حاكماً أم مقاما من جهته، إذا كان الخلع منه لمصلحة، ولا يجوز لولي الصبي والمجنون عند مالك وابن قاسم أن يطلق عليهما بلا عوض، ونقل ابن عرفة عن اللخمي جوازه لمصلحة، إذ قد يكون في بقاء العصمة فساد لأمر ظهر أو حدث.

والخلع عند الحنابلة يصح ممن يصح طلاقه بالملك، أو الوكالة، أو الولاية كالحاكم في الشقاق، ولا يجوز للأب أن يخلع زوجة ابنه الصغير أو يطلق عليه بعوض أو بغير عوض عند الحنفية والشافعية، وعلى الرواية الأشهر عند الحنابلة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: الطلاق لمن أخذ بالساق. انتهى.

وفي المدونة للإمام مالك: خلع الأب عن ابنه وابنته قلت: أرأيت ما حجة مالك حين قال: يجوز خلع الأب والوصي على الصبي ويكون ذلك تطليقه؟ قال: جوز ذلك مالك من وجه النظر للصبي، ألا ترى أن إنكاحهما إياه عليه جائز فكذلك خلعهما. انتهى.

وفي المبسوط للسرخسي الحنفي: خلع الصبي وطلاقه باطل، لأنه ليس له قصد معتبر شرعاً خصوصاً فيما يضره، وهذا لما بينا أن اعتبار القصد ينبني على الخطاب، والخطاب ينبني على اعتدال الحال، وكذلك فعل أبيه عليه في الطلاق باطل، لأن الولاية إنما تثبت على الصبي، لمعنى النظر له، ولتحقق الحاجة إليه، وذلك لا يتحقق في الطلاق والعتاق. انتهى.

وفي كتاب الأم للإمام الشافعي: (قال الشافعي) وإن خلع أبو الصبي أو المعتوه أو وليه عنه امرأته أو أبا امرأته فالخلع باطل والنكاح ثابت، وما أخذا من المرأة أو وليها على الخلع فهو مردود كله وهي امرأته بحالها. انتهى.

وبخصوص جملة (فإنه تبقى الزوجية) يعني تبقي زوجة الصغير في عصمته ويستمر النكاح بينهما.

هذا هو معنى العبارة المذكورة، إلا أن أهل العلم اختلفوا فيما إذا كان الزوج يجبر على الخلع إذا طلبته الزوجة أم لا، فذهب جمهورهم إلى أنه لا يجبر عليه، وتبقى المرأة في عصمته جبراً عليها في هذه الحالة، وذهب البعض إلى أن الزوج يجبر على الخلع إذا طلبته الزوجة، وراجعي في هذا الفتوى رقم: 139855.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني