الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تلقين الكافر الشهادتين عند الاحتضار

السؤال

ما حكم حث مريضة مسيحية على نطق شهادة: لا إله إلا الله محمد رسول الله؟ وتكررها بالفعل ولا نعلم هل تدري أم لا تدري؟ وحين نعطيها السبحة فإنها تسبح باسم الإله يسوع.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فتلقين المريض الكافر الشهادتين أمر حسن، وهو من باب دعوته إلى الإسلام استنقاذا له من النار، فإنه لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طالب: يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعودان بتلك المقالة. متفق عليه.
وقد سئل الشيخ ابن باز: هل يشرع الحضور عند الكافر المحتضر وتلقينه؟ فأجاب: يشرع ذلك إذا تيسر، وقد كان عند النبي صلى الله عليه وسلم خادم يهودي فمرض فذهب إليه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فلقنه وقال: قل أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فنظر اليهودي إلى أبويه فقالا له: أطع أبا القاسم، فقالها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي أنقذه بي من النار. اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع: ينبغي في هذا أن ينظر إلى حال المريض، فإن كان المريض قوياً يتحمل، أو كان كافراً فإنه يؤمر فيقال: قل: لا إله إلا الله، اختم حياتك بلا إله إلا الله، وما أشبه ذلك، وإن كان مسلماً ضعيفاً فإنه لا يؤمر، وإنما يذكر الله عنده حتى يسمع فيتذكر. اهـ.
وقال المباركفوري في مرعاة المفاتيح: التلقين أن يذكره عنده ويقوله بحضرته ويتلفظ به عنده حتى يسمع ليتفطن فيقوله، لا ن يأمره به ويقول: قل لا إله إلا الله، إلا أن يكون كافراً فيقول له: قل، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب وللغلام اليهودي. اهـ.
وينبغي في تلقين الكافر أن يجمع بين الشهادتين فلا يكتفي بقول: لا إله إلا الله، بل يجمع إليها قول: محمد رسول الله ـ قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: أما الكافر فيلقنهما ـ يعني الشهادتين مجتمعتين ـ قطعا مع لفظ: أشهد ـ لوجوبه أيضا على ما سيأتي فيه، إذ لا يصير مسلما إلا بهما. اهـ.
وجاء نحو ذلك في حاشية الطحطاوي الحنفي على مراقي الفلاح.
وجاء في الموسوعة الفقهية: قال الإسنوي: لو كان ـ أي المحتضر ـ كافرا لقن الشهادتين وأمر بهما، وتلقين الكافر المحتضر الشهادة يكون وجوبا إن رجي إسلامه، وإن لم يرج إسلامه فيندب ذلك، قال الجمل: وظاهر هذا أنه يلقن إن رجي إسلامه وإن بلغ الغرغرة، ولا بعد فيه، لاحتمال أن يكون عقله حاضرا وإن ظهر لنا خلافه وإن كنا لا نرتب عليه أحكام المسلمين حينئذ. اهـ.
وأما ما ذكِر في السؤال من أن هذه المرأة تسبح باسم الإله يسوع، فدليل على أنها لا تدري معنى شهادة التوحيد، فينبغي أن تعرَّف معنى الشهادة مع تلقينها إياها، كي تقولها عن قناعة واعتقاد وتوصف بالصدق فيها، فتنتفع بذلك وتكون مسلمة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار. متفق عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني