الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم سبق اللسان بالطلاق

السؤال

كنت في حالة إحباط واكتئاب شديد كمن يغلي في الداخل، ويريد أن ينفجر سواء بالبكاء أو بالصراخ، لأنني متعب نفسيا، وعندما استفزتني زوجتي في تلك اللحظة، وبداية خروجها من الغرفة أردت أن أنتقم منها بكلام مثل الشتم، فخرج مني لفظ الطلاق، ولكن عندما أدركت مافعلت أحسست بأنه أمر مشين، وكنت في حالة استغراب ودهشة كمن لايصدق أنه فعل هذا لدرجة أنني تبعتها بعد خروجها وقلت لها: يا فلانة أنا قلت لك أنت طالق؟ انظري هل رأيت؟ وكان هدفي أمرين أن أبين بأني انتقمت منها بكلمة الطلاق، والأمر الثاني بأني كنت مستغربا لما قلت، وبعد ذلك انتابتني حالة هيستيرية من الندم، والسؤال: هل وقع الطلاق أم لا؟ وفي حال وقع، فهل وقع مرة أو مرتين باعتباري قلت لها العبارة مرة ثانية؟ أم تعتبر طلقة واحدة، لأن الثانية للتأكيد؟ وهل ينطبق علي حكم المدهوش وبالتالي لم يقع الطلاق؟ والمدهوش كما قرأت تعريفه في الأنترنت: هو من غلب الخلل في أقواله وأفعاله الخارجة عن عادته بسبب غضب اعتراه، فهل ما قمت به ينطبق تحت حكم المدهوش؟ أم ذلك أمر آخر؟ وأخيرا: أخبرني شخص صديق بأن من شروط المطلقة أن لا يتم جماع مع زوجها خلال فترة الطهر وهي الفترة بين الحيضين، وفي الواقع أن زوجتي كانت طاهرا وكنت قد جامعتها قبل المشكلة بحوالي خمسة أيام. لا أعلم صحة هذا الأمر، أرجو إفادتي وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالطلاق لا يقع إلا إذا قصد الزوج إنشاء النطق به بلفظ صريح أو كناية، جاء في مواهب الجليل للحطاب المالكي: وشرط الطلاق أهل ومحل، والقصد مع لفظ، أو ما يقوم مقامه. انتهى.

وراجع المزيد في الفتوى رقم: 142387.

وبناء على ما تقدم، فإن كان الأمر على ما ذكرته من كونك قد أردت شتم زوجتك فجرى الطلاق على لسانك من غير قصد منك للتلفظ به فلا يلزمك طلاق، لأنه لا يقع إلا عند قصد التلفظ به، وليست هذه الحالة من باب طلاق الغضبان ـ طالما أنها صدرت منك وأنت تعي ما تقول ـ بل هي من باب سبق اللسان بالطلاق.

وبخصوص قولك: يافلانة أنا قلت لك أنت طالق ـ فهو حكاية لما صدر عنك من تلفظ بالطلاق، وبالتالي فلا يلزمك به شيء، لأن حكاية الطلاق لا تعتبر طلاقا، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 136986.

فتبين مما سبق أن الطلاق لا يلزمك في الحالتين السابقتين، وبالتالي فزوجتك باقية في ذمتك كما كانت، وبالنسبة للطلاق الواقع في طهر حصل فيه جماع فهو طلاق بدعي لكنه نافذ عند جمهور أهل العلم ـ بمن فيهم المذاهب الأربعة ـ وهو القول الراجح، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه من أهل العلم بعدم وقوعه، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 31275، 110547.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني