الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

للقدوة أثر كبير في التربية

السؤال

بعض الآباء يزعمون أنهم يربون أبناءهم أحسن تربية مع أنهم ليسوا قدوة حسنة لهم، وأخلاقهم سيئة وغير إسلامية، فما قيمة هذا الادعاء في منظور الشرع؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ريب في أن كون الوالد قدوة حسنة لولده من أعظم عوامل التربية الناجحة، وذلك أن الولد يفتح عينيه في الدنيا أول ما يفتحهما على والديه، ومنهما يستقي معارفه ويستمد تصوراته وتنطبع أخلاقه بسلوكهما وتصرفاته بأفعالهما، فلو خالف الوالد ولده إلى ما ينهاه عنه أو أمره بما لا يفعله كان لذلك الأثر البالغ في فساد الطفل وانحرافه عن الجادة، ولو كان الوالد أول ممتثل لما يأمر به وينهى عنه كان لذلك أثره ـ بإذن الله ـ في نجاح العملية التربوية وإيتائها أكلها، قال العلامة الأمين في الأضواء: وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَمَلَ الْإِنْسَانِ بِمَا يَنْصَحُ بِهِ غَيْرَهُ أَدْعَى لِقَبُولِ غَيْرِهِ مِنْهُ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: فَإِنَّكَ إِذْ مَا تَأْتِ مَا أَنْتَ آمِرٌ ... بِهِ تَلْفَ مَنْ إِيَّاهُ تَأْمُرُ آتِيَا. انتهى.

وقال أبو حامد في الإحياء: فإذا خالف العمل العلم منع الرشد، وكل من تناول شيئاً وقال للناس لا تتناولوه فإنه سم مهلك سخر الناس به واتهموه، وزاد حرصهم على ما نهوا عنه، فيقولون لولا أنه أطيب الأشياء وألذها لما كان يستأثر به، ومثل المعلم المرشد من المسترشدين مثل النقش من الطين والظل من العود فكيف ينتقش الطين بما لا نقش فيه؟ ومتى استوى الظل والعود أعوج، ولذلك قيل في المعنى: لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم. انتهى.

وكلام العلماء في هذا المعنى كثير جدا، فعلى المربي ـ والدا كان أو غيره ـ أن يكون قدوة حسنة لمن يربيهم ويعلمهم، وأن لا يخالف قوله فعله، فإن ذلك يؤدي إلى ضرر عظيم وشر جسيم، ثم ليعلم أن التربية لا تكون أحسن تربية إلا إذا كانت على ما يحبه الله ويرضاه، وتجنيب ما يسخطه ويأباه، وكثير من الناس حصروا معنى التربية في إلباس عيالهم أحسن لباس، وإطعامهم أفضل طعام، وهذا فهم قاصر معوج للتربية الصحيحة المطلوبة، فإن الوالد وإن كان يطلب منه القيام بهذه النفقات الواجبة - فإنه قبل ذلك مأمور بوقاية نفسه ومن يلوذ به نارا وقودها الناس والحجارة كما قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون { التحريم:6}.

وقال صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.

فليتق الله المسلمون في أبنائهم، وليعودوهم طاعة الله تعالى، وليجنبوهم معصيته، وليكونوا لهم قدوة حسنة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني