الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شبهة حول محاجة آدم لموسى عليهما السلام

السؤال

لي سؤال عن حديث: حاج موسى آدم عندما قَالَ آدَمُ: يَا مُوسَى اصْطَفَاكَ اللَّه بِكَلامِهِ وَخَطَّ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ تَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً، قَالَ: فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ـ فما معنى هذا الحديث؟ وكيف قدر الله الخطيئة على آدم؟ هذا يعارض عدل الله، وجزاكم الله خيرا على إفادتكم لنا وجعله ثقيلا في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن مما يستفاد من هذا الحديث ـ كما قال العلماء ـ إثبات علم الله بما يكون من أفعال العباد، وأن كل شيء بقدر الله تعالى وقضائه، وأنه ليس لأحد أن يعير أحدا بذنب كان منه، لأن الخلق كلهم تحت العبودية سواء وإنما يتجه اللوم من قبل الله سبحانه وتعالى إذ كان قد نهاه فباشر ما نهاه عنه، ‏وأن آدم لم يحتج بالقدر على الذنب وإنما احتج به على المصيبة، وهذا هو اعتقاد أهل ‏السنة، فإن القدر يحتج به في المصائب ولا يحتج به في الذنوب والمعايب، جاء في تحفة الأحوذي للمباركفوري: قال ابن عبد البر: هذا الحديث أصل جسيم لأهل الحق في إثبات القدر، وأن الله قضى أعمال العباد، فكل أحد يصير لما قدر له بما سبق في علم الله، فإن قيل فالعاصي منا لو قال هذه المعصية قدرها الله علي لم يسقط عنه اللوم والعقوبة بذلك وإن كان صادقا فيما قاله، فالجواب أن هذا العاصي باق في دار التكليف جار عليه أحكام المكلفين من العقوبة واللوم والتوبيخ وغيرها، وفي لومه وعقوبته زجر له ولغيره عن مثل هذا الفعل وهو محتاج إلى الزجر ما لم يمت، فأما آدم فميت خارج عن دار التكليف وعن الحاجة إلى الزجر فلم يكن في القول المذكور له فائدة، بل فيه إيذاء وتخجيل. اهـ
وأما قول السائل: فكيف قدر الله ـ فإن القدر لا يتوجه عليه لوم، لأنه فعل الله تعالى، والله لا يسأل عما يفعل، وإن مما اتفق عليه العقلاء أن تصرف المالك في ملكه يعتبر عدلا لا جورا، والهداية بفضل الله تعالى والغواية بعدله، كما قال ابن أبي زيد في الرسالة: يضل من يشاء فيخذله بعدله ويهدي من يشاء فيوفقه بفضله، وما جرى لآدم عليه السلام فيه من الحكم البالغة ما لا يخفى فقد كان سببا لهبوطه إلى الأرض وعمارتها واستخلافه فيها تحقيقا، لقول الله تعالى لملائكته: إني جاعل في الأرض خليفة.
وللمزيد من الفائدة عن هذا الموضوع انظر الفتاوى التالية أرقامها: 700249314، 99324، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني