الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم زواج الزاني بأم أو بنت من زنى بها

السؤال

أنا من مصر، ومذهب الزواج في مصر مذهب أبي حنيفة، وأبو حنيفة يحرم المصاهرة بالزنا، فهل لي الزواج على مذهبه؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمذهب الحنفية أن الزنا يحرم المصاهرة بمعني أن من زنا بامرأة حرمت عليه أصولها وفروعها، وحرمت هي على أصوله وفروعه، جاء في مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر على المذهب الحنفي: والزنا يوجب حرمة المصاهرة حتى لو زنى بامرأة حرمت عليه أصولها وفروعها وحرمت المزنية على أصوله وفروعه، ولا تحرم أصولها وفروعها على ابن الواطئ وأبيه كما في المحيط للسرخسي، وعند الشافعي لا يوجبها، لأن المصاهرة نعمة فلا تنال بحرام، وعن مالك روايتان. لنا عموم قوله تعالى: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء ـ ولأن كل تحريم تعلق بالوطء الحلال تعلق بالوطء الحرام، ولأنه استمتاع كالحلال. انتهى.

ولم نعرف وجه العلاقة بين تحريم المصاهرة بالزنا عند الحنفية وبين امتناعك أنت من الزواج، فإن كنت تقصد أنك زنيت ـ والعياذ بالله ـ وتريد الزواج من بنت أو أم من زنيت بها، فكان ينبغي أن يكون إثم ما ارتكبته من المعصية أعظم في نفسك من عدم الزواج من امرأة معينة، وعليك في هذه الحالة أن تبادر إلى التوبة، وعلى أية حال، فكون الحنفية يقولون بتحريم المصاهرة بالزنا لا يمنعك من الزواج ممن أردت أن تتزوج منها، لأن ذلك إنما هو اجتهاد من أئمة هذا المذهب ولهم أدلتهم، في ذلك ـ كما سبق ـ وقد وافقهم بعض أهل العلم ـ كالحنابلة ـ في هذه المسألة، لكن الراجح مذهب الشافعية وهو المعتمد من مذهب المالكية أن الحرام لا يحرم الحلال، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 50722.

مع التنبيه على أنه لا يتعين على الشخص تقليد مذهب بعينه من المذاهب الأربعة أو غيرهم ممن حفظ مذهبه في محل التقليد، جاء في الفواكه الدواني للنفراوي المالكي: ولذا قال بعض المحققين: المعتمد أنه يجوز تقليد الأربعة، وكذا من عداهم ممن يحفظ مذهبه في تلك المسألة ودون حتى عرفت شروطه وسائر معتبراته. انتهى.
وراجع المزيد من كلام أهل العلم في هذه المسألة وذلك في الفتوى رقم: 31408.

لكن تقليد أي مذهب لا يجوز أن يكون من باب تتبع الرخص، بل الواجب التقيد في ذلك بالضوابط التي حددها أهل العلم، وراجع فيها الفتوى رقم: 5592.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني