الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يقطع الصلاة من أجل الوساوس والسرحان

السؤال

أنا في بعض الأحيان وبصراحة أضحك في الصلاة من غير إرادتي لموقف يحدث أو ما شابه فأقطع الصلاة، وفي بعض الأحيان تأتيني الوسواس في الصلاة فأقطعها، وأتماثل بأني أضحك حتى أعيد الصلاة، ولا يتشمت علي أصحابي بأني موسوس ونحوه أي حتى لا يعلموا أني موسوس، فهل أفعالي تدخل في الكفر تبعا لقوله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا..؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمواقف التي تعرض لك إن كانت مجرد خواطر لم ينعقد عليها القلب، فلن تؤاخذ بها، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم.

لكن عليك التلهي والإعراض عنها، وعدم الاسترسال معها حتى لا يتمكن منك الشيطان ويتسلط عليك.

وأما الصلاة فلا تبطل بذلك، فقد ذكر النووي في المجموع أن الصلاة تصح وإن حصل فيها فكر واشتغال قلب بغيرها، وهذا بإجماع من يعتد به في الإجماع.

وقد نص أهل العلم على حرمة قطع الصلاة الواجبة إلا لعذر يبيح ذلك، كإنقاذ نفس أو تلف مال ونحو هذا، لقول الله تعالى: وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ {محمد:33}.

قال صاحب الروضة البهية: ويحرم قطع الصلاة الواجبة اختياراً للنهي عن إبطال العمل المقتضي له إلا ما أخرجه الدليل، واحترز بالاختيار عن قطعها لضرورة كحفظ نفس محترمة من تلف أو ضرر. انتهى.

فما تفعله من قطع الصلاة الواجبة لأجل ما ذكرت لا يجوز.

وعلى كل فننصحك بالإعراض تماماً عن تلك الوساوس والاستعانة والاستعاذة بالله تعالى من شر الوسواس الخناس، وملازمة قراءة المعوذتين وكثرة تلاوة القرآن والمداومة على ذكر الله تعالى، فقد روى الحافظ أبو يعلى في مسنده عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم، فإن ذكر الله خنس وإن نسي التقم قلبه، فذلك الوسواس الخناس.

وعن عثمان بن أبي العاص قال: يا رسول الله: إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي ‏وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، ‏واتفل عن يسارك ثلاثاً، قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني. رواه مسلم.
قال النووي في شرحه: وفي هذا الحديث استحباب التعوذ من الشيطان عند وسوسته مع التفل عن اليسار ثلاثا.

قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله: هذا الأمر يشتكي منه كثير من المصلين، وهو أن الشيطان يفتح عليه باب الوساوس أثناء الصلاة، فربما يخرج الإنسان وهو لا يدري عما يقول في صلاته، ولكن دواء ذلك أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو أن ينفث الإنسان عن يساره ثلاث مرات وليقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. فإذا فعل ذلك زال عنه ما يجده ـ بإذن الله ـ وعلى المرء إذا دخل في الصلاة أن يعتقد أنه بين يدي الله عز وجل وأنه يناجي الله تبارك وتعالى، ويتقرب إليه بتكبيره وتعظيمه، وتلاوة كلامه سبحانه وتعالى، وبالدعاء في مواطن الدعاء في الصلاة، فإذا شعر الإنسان بهذا الشعور فإنه يدخل في الصلاة بخشوع وتعظيم الله سبحانه وتعالى ومحبة لما عنده من الخير، وخوف من عقابه إذا فرط فيما أوجب الله عليه. انتهى.

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: ينبغي للمصلي إذا حضر وقت الصلاة أن يتخلى عن كل شيء من أعمال الدنيا وشواغلها حتى يتجه ذهنه وتفكيره إلى عبادة ربه قدر الطاقة، فإذا تطهر ووقف في الصلاة وقف خاشعاً تالياً لكتاب ربه أو مستمعاً له متدبراً لمعانيه ولما يقوله من أذكار في صلاته ولا يستسلم للشيطان ووساوسه، بل عندما يعرض له أقبل على صلاته ويتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لما روي عن أبي العلاء بن الشخير أن عثمان قال: يا رسول الله: حال الشيطان بيني وبين صلاتي وبين قراءتي، قال: ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أنت حسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثاً، قال: ففعلت ذاك فأذهب الله عز وجل عني. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني