الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم عمل المسلم مع الأمم المتحدة في مناطق الصراع

السؤال

هل الذين يذهبون إلى ساحل العاج وغيرها من مناطق الصراع في العالم مع الأمم المتحدة ويقتلون هناك شهداء، علما بأنهم في غالب الأحيان تكون مهمتهم خدمة أعداء الإسلام في تلك المنطقة وهدفهم المال؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن هؤلاء إن كانوا مرسلين من دولهم الإسلامية لتوفير الأمن وإيقاف الحروب عملا بقول الله تعالى: َوإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين { الحجرات:9}.

فنرجو لهم الشهادة ـ إن شاء الله ـ ففي الموسوعة الفقهية الكويتية في الكلام على البغاة: يحل قتالهم، ويجب على الناس معونة الإمام في قتالهم، ومن قتل من أهل العدل أثناء قتالهم فهو شهيد. اهـ.

وأما إن كانوا مستخدمين من طرف دول الكفر لتحقيق مصالح الكفار فلا يعتبرون من الشهداء.

وأما عن إرادتهم المال بالعمل مع الكفار فالجمهور على جواز عمل المسلم عند الكافر أجيراً، بشرط ألا يعمل في شيء محرم كعصر الخمر ورعي الخنزير والتجسس على المسلمين، واشترط بعضهم أن يكون عمله في غير الخدمة الشخصية للكفار كتقديم الطعام والشراب والوقوف بين يديه، لما في ذلك من إذلال المسلم، فإذا خلت الإجارة من هذه المحاذير فهي جائزة، والمال الذي يأتي عن طريقها حلال، ودليل ذلك ما رواه الترمذي عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ أنه قال في حديث طويل: فمررت بيهودي في مال له، وهو يسقي ببكرة له، فاطلعت عليه من ثلمة الحائط، فقال: ما لك يا أعرابي؟ هل لك في كل دلو بتمرة؟ قلت: نعم، فافتح الباب حتى أدخل، ففتح فدخلت فأعطاني دلوه، فكلما نزعت دلواً أعطاني تمرة، حتى إذا امتلأت كفي أرسلت دلوه وقلت: حسبي، فأكلتها ثم جرعت من الماء فشربت، ثم جئت المسجد فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه. قال الترمذي: حديث حسن غريب.

وفي رواية ابن ماجه قال: فجاء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد استدل به معظم الفقهاء كابن قدامة وابن القيم وابن تيمية وغيرهم.

وعليه؛ فإذا كان عملك مع هؤلاء في غير محرم فلا حرج عليك فيه ولا فيما استفدته منه، أما إذا اشتملت الإجارة على أحد المحاذير السابقة فقد قال الفقهاء: لا يجوز للمسلم العمل فيها ابتداءً، فإن عمل أخذ أجرته من الكافر، وتصدق بها، ولا يجوز أن يستحلها لنفسه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني