الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم استخدام أرض مسجد مهدم في أمر مباح

السؤال

هل يمكن كراء مسجد مهدم من وزارة الأوقاف وتحويله إلى حديقة؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن تهدم المسجد بسبب ما فيتعين السعي في ترميمه وإبقاء أرضه وقفا على المسجد إن كان هناك مصلون بجنبه، وإن لم يكن هناك مصلون ورأت الجهة المشرفة على الأوقاف أنه لم يعد هناك إمكانية لاستخدامه في الصلاة وأريد استخدام أرضه في أمر مباح، فلا مانع من تأجير أو بيع أرضه عند بعض أهل العلم وصرف الثمن في مسجد آخر، فقد ذهب الإمام أحمد إلى أنه لا يجوز بيع الوقف إلا أن تتعطل منافعه بالكلية ولم يمكن الانتفاع به ولا تعميره وإصلاحه، فإن تعطلت منافعه، جاز بيعه واستبداله بغيره، واستدل على ذلك بفعل عمر حينما بلغه أن بيت المال الذي بالكوفة نقب فكتب إلى سعد: أن انقل المسجد الذي بالتمارين، واجعل بيت المال في قبلة المسجد، فإنه لن يزال في المسجد مصلى.

وكان هذا العمل بمشهد من الصحابة، فلم ينكر، فهو كالإجماع.

وقد سئل الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ عن مسجد خرب هل تباع أرضه وتنفق على مسجد آخر أحدثوه؟ قال: إذا لم يكن له جيران ولم يكن أحد يعمره فلا أرى به بأسا أن يباع وينفق على الآخر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولا ريب أن في كلامه ما يبين جواز إبدال المسجد للمصلحة وإن أمكن الانتفاع به، لكون الانتفاع بالثاني أكمل.

قال ابن قدامة في المغني: الْوَقْف إذَا خَرِبَ وَتَعَطَّلَتْ مَنَافِعُهُ, كَدَارٍ انْهَدَمَتْ, أَوْ أَرْضٍ خَرِبَتْ وَعَادَتْ مَوَاتًا, وَلَمْ تُمْكِنْ عِمَارَتُهَا جَازَ بَيْعُ بَعْضِهِ لِتُعَمَّرَ بِهِ بَقِيَّتُهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْتِفَاعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ بِيعَ جَمِيعُهُ، وإِنْ لَمْ تَتَعَطَّلْ مَنْفَعَةُ الْوَقْفِ بِالْكُلِّيَّةِ, لَكِنْ قَلَّتْ وَكَانَ غَيْرُهُ أَنْفَعَ مِنْهُ وَأَكْثَرَ رُدَّ عَلَى أَهْلِ الْوَقْفِ وَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ تَحْرِيمُ الْبَيْعِ, وَإِنَّمَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ صِيَانَةً لِمَقْصُودِ الْوَقْفِ عَنْ الضَّيَاعِ, مَعَ إمْكَانِ تَحْصِيلِهِ, وَمَعَ الِانْتِفَاعِ وَإِنْ قَلَّ مَا يَضِيعُ الْمَقْصُودُ, اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ فِي قِلَّةِ النَّفْعِ إلَى حَدٍّ لَا يُعَدُّ نَفْعًا فَيَكُونُ وُجُودُ ذَلِكَ كَالْعَدَمِ. انتهى.

وذهب الجمهور إلى أن الوقف لا يباع، لقوله صلى الله عليه وسلم لعمر ـ رضي الله عنه ـ لما استأمره في شأن أرض له بخيبر: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، فتصدق بها عمر، أنها لا يباع أصلها ولا يورث ولا يوهب. متفق عليه.

قال في كشاف القناع في بيع الوقف أو استبداله: لا يصح بيعه ولا هبته ولا المناقلة به - أي: إبداله - ولو بخير منه، نصا للحديث السابق، والحديث المشار إليه قوله صلى الله عليه وسلم: لا يباع أصلها ولا توهب ولا تورث... إلخ.

وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 6639، 15292، 28824.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني