الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من أخر الزكاة عند وجوبها مع تمكنه من إخراجها

السؤال

أنا طالب على حساب الدولة أتقاضي مرتبا شهريا 1800 دولار أمريكي. أملك شقة في بلدي أقوم بدفع أقساطها. عندما قدمت إلى أمريكا كل ما كنت أملك 5000 دولار أمريكي بتاريخ 13/10/2008 كل شهر كنت أوفر 900 دولار . الآن أملك 17.000 دولار أمريكي. بعد مرور ثلاث سنوات أود السؤال عن حكم زكاة المال في فترة الثلاث سنوات الماضية مع العلم أن مذهبي مالكي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد كان من الواجب على السائل أن يخرج زكاة ماله سواء في ذلك ما يقوم بتوفيره وما في ملكه من نقود أخرى أو عروض تجارية إذا حال عليه الحول وهو نصاب، لأنه لا يجوز تعمد تأخيرالزكاة بعد وجوبها، وحيث إنه لم يفعل فعليه أن يتوب إلى الله تعالى من التفريط في فريضة الزكاة ويخرجها عن السنين الماضية.

ثم إن المعتبر شرعاً في حول الزكاة هو العام الهجري وليس الميلادي، ومن المعلوم عند أهل العلم أنه لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول وهو نصاب، وأن حول المال يبدأ اعتبارا من بلوغ المال النصاب، وأن النصاب في الأوراق النقدية هو ما يعادل قيمة خمسة وثمانين جراماً من الذهب، أو خمسمائة وخمسة وتسعين جراماً من الفضة، إّذا تقرر هذا فإن على السائل أن يحدد التاريخ الذي وصل فيه المبلغ الذي يقوم بتوفيره النصاب بالإضافة إلى ما في ملكه من نقود أخرى أو عروض تجارية إن كان عنده شيء من ذلك، ولينظر مقابل ذلك من التاريخ الهجري -أي الشهر القمري- ثم ليعتبر بدء الحول من ذلك التاريخ، ثم يخرج زكاة كل سنة حسب المبلغ الذي حال عليه الحول عنده إن كان نصابا أو زاد على النصاب، مع الأخذ في الاعتبار خصم القسط الذي يدفعه عن ثمن الشقة لأن الدين يسقط الزكاة في الأموال الباطنة عند الجمهور، ولو كان على أقساط فيخصم مقابله من المال عند إخراج الزكاة كما سبق بيانه في الفتوى رقم :113510، والقدر الواجب إخراجه هو ربع العشر، أي اثنان ونصف في المائة من جميع ما يحول عليه الحول عنده من المال على نحو ما تقدم .

ويجب إخراج الزكاة عن السنين الماضية فورا كاملة، لأن الزكاة حق الفقراء، ولا يجوز تأخيرها من غير عذر، وإذا لم يعلم مقدار المبلغ عند نهاية الحول فليجتهد وليتحر معرفة ذلك ويعمل بما أداه إليه اجتهاده وتحريه، مع الاحتياط للفقراء، وبذلك تبرأ ذمته إن شاء الله تعالى لأنه لا يستطيع غير ذلك.

ففي فتاوى اللجنة الدائمة: من وجبت عليه زكاة وأخرها بغير عذر مشروع أثم، لورود الأدلة من الكتاب والسنة بالمبادرة بإخراج الزكاة في وقتها.

ب ـ من وجبت عليه زكاة ولم يخرجها في وقتها المحدد وجب عليه إخراجها بعد، ولو كان تأخيره لمدة سنوات فيخرج زكاة المال الذي لم يزك لجميع السنوات التي تأخر في إخراجها، ويعمل بظنه في تقدير المال وعدد السنوات إذا شك فيها، لقول الله عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ـ وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. انتهى.

وانظرالفتوى رقم : 121122، لبيان كيفية زكاة المال المدخر من الراتب.

وليعلم أن المالكية نصوا على أن من أخر الزكاة عند وجوبها مع تمكنه من إخراجها يضمنها أي تستقر في ذمته وتكون دينا للفقراء عليه.

ففي الخرشي على مختصرخليل في الفقه المالكي عند قول خليل : وضمن إن أخرها عن الحول : وضمن الزكاة إذا ضاعت بعد عزلها أو قبله مع المال بغير تفريط : بأن أخرها عن الحول مع التمكن من إخراجها عنده . انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني