الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زكاة المال المسروق بعد استرداده

السؤال

لدي استفسار أرجو فهمه بالتفصيل، لأنه يؤرقنا كثيرا نحن الشركاء: لدينا شركة في بيع تجزئة المواد الغذائية ونحن إخوان ورثة وشركاء فيها، أخي الكبير كان مسؤولا أيام الوالد ـ رحمه الله تعالى ـ وقام باختلاس مبلغ يقارب 1200000مليونا ومائتي ألف ريال قبل عشر سنوات ولم يخرج منها زكاة في تلك السنوات العشر والآن هداه الله بعد أن أصيب بمرض وأخبرنا باختلاسه لهذا المبلغ، والمبلغ الآن تضاعف تقريباً خلال تلك السنوات لاستثماره من قبل أخينا الكبير، فهل نخرج من هذا المال الزكاة طيلة السنوات العشر التي أخفاها عنا؟ وهل يتحمل هو وحده إثم تلك الزكاة أم نشاركه نحن في الإثم ويجب علينا إخراج الزكاة الآن؟ علماً أنه لا يعلم كم كانت قيمة الزكاة كل سنة، تعقدت عليه معرفة الزكاة، وإذا كان يجب علينا إخراج الزكاة من هذا المبلغ المختلس من قبل أخينا الكبير فما قدر مبلغ الزكاة الذي نخرجه؟ وأيضاً هناك مشكلة من قبل بعض الورثة حيث إنهم يعارضون إخراج الزكاة بحجة أن المبلغ كان مختلسا والمال الحرام لا تجب إخراج الزكاة فيه، أفيدونا بارك الله فيكم بالتفصيل عن إخراج زكاة المال المسروق من الورثة بعد عدة سنوات. وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالمال الذي سرقه أخوكم إن كان سرقه في حياة والدكم وبقي عنده كل هذه السنوات ـ كما يظهر لنا من السؤال ـ فهو مال مسروق من الوالد وبالغ النصاب، وقد تعددت أقوال العلماء في زكاة المال المسروق إذا تم استرجاعه, فمنهم من قال لا زكاة فيه، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية, ومنهم من قال يزكى عن كل السنين السابقة، وهذا مذهب الحنابلة، ومنهم من قال يزكيه عند قبضه لسنة واحدة، وهذا مذهب مالك واختيار الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ وقد فصلنا أقوال الفقهاء حول هذا في الفتوى رقم: 61701.

وقال الشيخ ابن عثيمين في شرح الزاد: وكذلك المال المسروق إذا بقي عند السارق عدة سنوات، ثم قدر عليه صاحبه فيزكيه لسنة واحدة، كالدين على المعسر. اهـ.

ولعل هذا القول هو الوسط بين الأقوال, وعليه فإنه يجب عليكم قبل أن تقسموا المال بين الورثة أن تخرجوا منه زكاة سنة واحدة فور استلامه, ومقدارها ربع العشر, ثم تقسمون الباقي بينكم, وإنما قلنا بوجوب إخراج الزكاة قبل قسمة المال بين الورثة، لأن الزكاة دين, والدين مقدم على حق الورثة في المال, ثم ينظر كل واحد منكم في نصيبه من ذلك المال، فإن بلغ نصابا استقبل به حولا من يوم قبضه ثم زكاه كما هو قول المالكية في المال الموروث وهو أنه يعتبر مالا مستفادا لا تجب فيه الزكاة عند قبضه، وإنما يستقبل به الوارث حولا, جاء في الموسوعة الفقهية: والمال الموروث صرّح المالكيّة بأنّه لا زكاة فيه إلاّ بعد قبضه، يستقبل به الوارث حولًا، ولو كان قد أقام سنين، وسواء علم الوارث به أو لم يعلم. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني