الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اقتباس المعلومات ونشرها.. رؤية شرعية

السؤال

تقوم حاليا مجموعة ـ أنا عضو فيها ـ بتأسيس موقع ألكتروني هدفه كتابة معلومات علمية مفيدة فيه، بحيث يمكن لأي شخص أن يسجل كعضو فيه ويساهم بإدخال المعلومات، والهدف من الموقع هو المساهمة في زيادة المحتوى العربي المفيد على النت نظرا لقلته وعدم دقة المعلومات المكتوبة باللغة العربية، وقد كنت من أوائل المؤسسين لفكرة إنشاء الموقع وقمت بالترويج لها وتشجيع بعض الأشخاص المهتمين الذين يستطيعون المساعدة حتى استطعت تكوين هذه المجموعة التي ستتعاون على إنشاء الموقع، لكن تبين لي فيما بعد أن هذا الموقع قد يكون مكانا للاعتداء على حقوق الملكية الفكرية وسرقة جهود الآخرين، ذلك لأن المعلومات التي ستكتب في هذا الموقع مصدرها الكتب أو النت ومعظمها مكتوب فيها أن جميع الحقوق محفوظة بمعنى أنه لا يمكن التصرف بها أو ترجمتها للعربية أو أخذها دون إذن صاحبها، كما أن ثقافة احترام حقوق الملكية الفكرية غير منتشرة في البلاد العربية حيث إنهم يأخذون ما يشاؤون من المعلومات دون إذن صاحب العمل بذريعة أنهم يساهمون في نشر العلم، وأغلب من حاورتهم في هذه النقطة لم يكونوا مقتنعين بضرورة حماية حقوق الملكية الفكرية وقالوا لي إنني أقوم بتعقيد الأمور وأمنعهم من نشر العلم بسهولة، وسؤالي: إن الموقع لا يزال في طور الإنشاء، فهل أنسحب من المجموعة التي تقوم بتأسيس الموقع لأن:
1ـ معظمهم غير مقتنعين بفكرة حماية حقوق الملكية الفكرية.
2ـ كما أنه عند الانتهاء من إنشاء الموقع حتى وإن نوهنا في سياسة الموقع بعدم جواز الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية
لن نستطيع ضبط ما يكتب فيه ولا يمكننا أن نتأكد أن ما يكتب مراع لحقوق الملكية الفكرية، لأن احترام حقوق الملكية الفكرية يعود إلى ضمير الكاتب واقتناعه بفكرة عدم سرقة جهود الآخرين؟ فالموضوع صعب الضبط، فهل علي إثم لأنني كنت من المؤسسين له والمروجين لفكرة إنشاء هذا الموقع الذي سيكون مكانا لسرقة جهود الآخرين؟ علما بأنني لم أكن منتبهة لهذه النقطة في البداية إنما خطرت على بالي بعد تأسيس المجموعة؟ أم علي أن أستمر في تأسيسه محاولة وضع سياسة للموقع تراعي احترام حقوق الملكية الفكرية قدر الإمكان، لأن إنشاء الموقع سيتمر حتى وإن انسحبت من المجموعة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما دام مقصدك من تأسيس هذا الموقع نبيلا وهدفك من إنشائه هو إثراء الساحة المعرفية بالعلوم النافعة، فهذا هدف نبيل ينبغي السعي فيه وتحقيقه، وما ذكرته من عدم التحكم فيما ينشر لا إثم عليك فيه، بل الإثم على من اعتدى على حق غيره، وحسبك أن تنبهي الناس وتحذريهم من الاعتداء على حقوق الآخرين، ثم إننا ننبهك إلى أن اقتباس المعلومات من الكتب المنشورة والمواقع الألكترونية لا حرج فيه وليس من الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية، لكن لا بد من مراعاة الأمانة العلمية في النقل والاقتباس بنسبة الأقوال والمواضيع إلى أصحابها الأصليين، قال الشوكاني ـ رحمه الله ـ في كتاب البدر الطالع: ما زال دأب المصنفين يأتي الآخر فيأخذ من كتب من قبله, فيختصر، أو يوضح أو يعترض، أو نحو ذلك من الأغراض التي هي الباعثة على التصنيف, ومن ذا الذي يعمد إلى فن قد صنف فيه من قبله فلا يأخذ من كلامه. اهـ.

والاقتباس والنقل ونحوه لا يشترط له إذن أصحابه حتى لو منعوا منه فليس لهم الحق في ذلك بعد نشره، قال الشيخ بكر أبو زيد عن الاقتباس: فهو انتفاع شرعي لا يختلف فيه اثنان، وما زال المسلمون منذ أن عرف التأليف إلى يومنا هذا وهم يجرون على هذا المنوال في مؤلفاتهم دون نكير. وعليه، فإن منع المؤلف لذلك يعد خرقاً للإجماع فلا عبرة به حتى ولو سجله على طرة كتابه، كما يفعله البعض ـ على ندرة الفعلة لذلك في عصرنا. انتهى.

وبالتالي، فالضابط المعتبر هو مراعاة الأمانة العلمية عند النقل والاقتباس، وحسبك أن تنبهي زملاءك وغيرهم من أعضاء الموقع على ضرورة الالتزام بمراعاة الضوابط الشرعية في هذا المجال، وينبغي لك نشر ثقافة احترام حقوق الناس في هذا الموقع وغيره بنقل كلام أهل العلم في مسألة الحقوق الفكرية وحكم الاعتداء عليها وضوابط ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني