الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الجزية وواقع المسلمين

السؤال

أولا : أشكر القائمين على الموقع وذلك لكثرة من استفاد منه في شتى المجالات. فهو بحق موقع رائع لا أكاد أبحث عن سؤال إلا وأجد للموقع إجابة فيه.
ثانيا: سؤالي من الناحية الفقهية.. وهو ما يخص أهل الذمة:
حيث إننا نعلم أن من واجبات أهل الذمة دفع الجزية والخراج والعشور، وكان المسلمون يشترطون على أهل الذمة شروطا لإقامتهم في بلاد المسلمين، لكن في عصرنا الحاضر..ما وضع أهل الذمة؟ وهل يكلفون بدفع الجزية والخراج أم تم استبدالها بمسميات أخرى؟
وهل من كتب أو مواقع اعتنت ببيان وضع أهل الذمة في العصر الحاضر؟
وجزاكم الله كل خير..

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمما ينبغي لفت النظر إليه قبل الكلام على مثل هذه المسائل أن نحسن تقدير وضع المسلمين في بلادهم، ووضعهم كأمم وأفراد على المستوى الدولي أو العالمي . فنظرة يسيرة على هذا الجانب توقفنا على الحقيقة المرة التي لا يصح إغفالها، فهم لا يستطيعون استنقاذ المسجد الأقصى من أيدي اليهود، ولا يستطيعون تطبيق شريعتهم داخل بلادهم على أنفسهم فضلا عن غيرهم !!
وفي مثل هذه الأحوال قد يستغرب الكلام في بعض المسائل التي تعتمد على تمكن المسلمين وغلبتهم وقيادتهم وتبوُّئِهم لزمام الأمور. كالكلام على مسألة الجزية، فإن شريعة الجزية لم تكن إلا في السنة التاسعة من الهجرة بعد أن ظهر الدين الحق وصارت له القوة والغلبة والتمكين.

قال ابن كثير: بعد ما تمهدت أمور المشركين ودخل الناس في دين الله أفواجا واستقامت جزيرة العرب أمر الله ورسوله بقتال أهل الكتابين اليهود والنصارى وكان ذلك في سنة تسع. اهـ.
نقول هذا تمهيدا للفت النظر إلى أن تطبيق مثل هذه الأحكام المعتمدة على قوة المسلمين وغلبتهم، لا يتيسر في حال ضعفهم وذلتهم !! خاصة في مثل هذا العصر الذي لا يمكن فيه إغفال العوامل الخارجية والعلاقات الدولية والمصالح العامة والمشتركة بين الأمم. ولذلك رأى بعض أهل العلم سقوط الجزية عن غير المسلمين المقيمين في الدول الإسلامية، مراعاة لحال المسلمين في الدول غير الإسلامية، خشية أن تعمد تلك الدول إلى إجراءات انتقامية تعسفية في مقابل الجزية على سكانها من المسلمين، وراجع في ذلك كلام الأستاذ الدكتور محمد حميد الله في كتابه (حقوق الدول في الإسلام ص 92).
وقد رجح الدكتور عبد الكريم زيدان أن الجزية إنما هي بدل للدفاع عن أهلها وحمايتهم، وبالتالي فإنها ترفع عنهم إذا شاركوا في الدفاع عن دار الإسلام.

قال في كتابه (أحكام الذميين والمستأمنين في دار الإسلام) تحت عنوان: (الجزية في الوقت الحاضر ص 157): إن الذميين في هذه الدول يشتركون مع المسلمين في واجب الدفاع عن دار الإسلام، والمساهمة في هذا الواجب تسقط الجزية بعد وجوبها، أو تمنع وجوبها أصلاً، كما رأينا في بعض السوابق التاريخة التي ذكرناها. اهـ.
والذي نراه في مثل هذه الأحوال في مثل هذه المسائل أنه لا يمكن الاعتماد على آراء آحاد الناس وإن كانوا من أهل العلم، بل ينبغي أن تعقد المجامع الفقهية ونحوها للاجتهاد الجماعي والوصول إلى حكم شرعي صحيح.
وللفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 59982.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني