الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل في مطعم فيه فتن واستهزاء بالدين

السؤال

إخواني في الله بارك الله فيكم وفي هذا الموقع المبارك: هل المفروض أن أترك عملي في مطعم ليس فيه كحول ولكن فيه الكثير من الفتن والكفر والعياذ بالله من العاملين وأكل الحرام واستماع الموسيقى طول النهار واختلاط مع نساء متبرجات مع العلم أني أريد أن أتقي الله حق تقاته وأنا الآن في علاقة جيدة جدا مع ربي سبحانه والحمد لله؟ أم أصبر على الاستهزاء من العمال؟ إني أخاف إن تركت عملي أن أكون فرطت في رزقي من الله سبحانه وإني لشديد على طلب العلم والدعوة إن شاء الله أكثر من هذا العمل، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان هذا المطعم يشتمل على هذه المنكرات المذكورة ولم يكن عندك قدرة على إنكارها وكان عندك كسب أو حيلة أو مدخرات تسد الضروري من حاجتك وحاجة من تعول إلى أن تجد عملا بديلا خاليا من المنكرات فيجب عليك ترك العمل فيه حفظا لدينك وفرارا به من هذه الفتن، والمنكرات المذكورة كالكفر بالله والاستهزاء بالدين ـ والعياذ بالله ـ يزيد إثمها على بيع الخمر، وليس الترك لهذا المطعم تفريطا في رزق الله، بل إنك تتركه طاعة لله تعالى وحرصا على مرضاته، مع الاجتهاد في البحث عن عمل آخر لا توجد فيه هذه المحظورات، واعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، فأنت إذا تركت هذا العمل حفاظا على دينك رجي أن يمن الله عليك بعمل آخر خير منه لا تتعرض فيه لهذه المنكرات، قال الله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا { النساء: 140}.

وقال تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ { الأنعام : 68}.

أما إذا كنت تستطيع إنكار المنكر وتأمن الفتنة في الدين أو كان ترك العمل سيؤدي إلى ضياعك وضياع من تعول فلا تستعجل بترك هذا العمل حتى تجد عملا بديلا، واجتهد في البحث عنه, واتق الله ما استطعت فإنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ونسأل الله أن يوفقك لما فيه رضاه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني