الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تمسكي بدينك مهما كثرت الصعاب وعظمت العقبات

السؤال

للأسف اكتشفت يوم أمس أنني منافقة، فأنا تربيت في بيئة ريائية بحتة فأهم شيء بالنسبة لوالدي ووالدتي هي السمعة، فأمام الأهل والأقارب يلزموننا بالنقاب وبمجرد السفر أو عدم وجود الأقارب والمعارف يسقط النقاب، فأبي وأخي يصنفون تحت الدياثة للأسف، لا يمانعون من السلام على الرجال الأجانب بل يعتبرونه تفتحا وحضارة ويسب المتنقبات وأن أشكالهم متخلفة ولم يسلم الحجاب من ذلك أيضا، والله إن أختي تبلغ 15 عاما ويدعونها تلبس شورت أقصر من القصير، وعندما أنصح يقولون صغيرة ويرغمونني على فعل أشياء من الحرام وهي في نظرهم ثقافة وتفتح، كلهم منافقون، والله لا أستطيع التمسك أكثر أشعر بأنني سأنهار قريبا، فالأغاني والتفلت وغيرها موجود في البيت ولا أعلم أين أذهب؟ رشحت لي صديقة قريبا لخطبتي ـ أحسبه متدينا والله حسيبه ـ ولكن رفضوه بأسلوب بشع فقط لأنه ليس من عائلة معروفة، وبقائي بينهم سيقضي على ديني، ونمط الحياة هنا يدعو للكفر، حتى المناسبات بها أغاني ونميمة، أقولها بكل أسف أسرتي سليطة اللسان علي فيما يتعلق بالدين، فالحلال بين والحرام بين وعندما تدعو وتنصح يبدؤون بالهجوم والرد بالفتاوى التي لا أعلم من أين جاؤوا بها وعند تبييني لهم ذلك يقولون سأضع هذا الشيخ بيني وبين النار فهو من أفتى، فلا حول ولا قوة إلا بالله، ماذا أفعل في حالتي؟ وهل أبحث عن زوج آخر وأهاجر وأتركهم أم ماذا؟ لقد ظلموني كثيرا، أريد أن أحافظ على ما تبقى من ديني.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يفرج كربك ويهيئ لك من أمرك رشدا، ثم اعلمي وفقك الله أنه يجب عليك أن تضعي الأمور في نصابها وتسميها بأسمائها دون غلو أو جفاء، وقد يكون ما بأهلك جهل بالحق لا معاداة للدين ومحاربة له، وعلى كل فعليك أن تتمسكي بما أنت عليه من الحق، ولا يصرفنك عنه ما تجدينه من المعوقات، بل علامة الالتزام الصادق أن يعض المرء على دينه بالنواجذ ويتمسك به كل التمسك مهما كثرت الصعاب وعظمت العقبات، فهو كالقابض على الجمر، يحتمل كل شيء في ذات الله عالما أن نجاته لا تحصل إلا بهذا، واستعيني على هذا بالصالحات ممن حولك فكوني بينهن والزمي صحبتهن فإن فيها خيرا عظيما، واجتهدي في الدعاء لنفسك أن يثبتك الله ولأهلك أن يهديهم الله وأخلصي في ذلك فإن الهدى هدى الله، وكرري نصح أهلك باللين والرفق واذكري لهم نصوص الشرع فيما تستنكرينه عليهم وبيني لهم أن أحدا لا يحمل وزر أحد يوم القيامة وأن كل نفس بما كسبت رهينة، ولا تفتري في أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر فإنك إن قصرت في دعوتهم للحق دعوك هم إلى ما هم عليه، وإن لم تؤثرى فيهم بما معك من الهدى تأثرت بما عندهم من الضلال، وإن تيسر لك زوج صالح فإن هذا يكون من نعم الله تعالى عليك، وإلى أن يتيسر هذا فلا تملي ولا تفتري عن الأخذ بأسباب الاستقامة فإن تمسك العبد بدينه هو سبيل صلاحه في دنياه وأخراه، كما قال جل اسمه: من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون {النحل:97}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني