الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف المسلم من جاره المؤذي

السؤال

أشيروا علي. ماذا أفعل يا إخوان. وصل بي الصبر والاحتمال على جاري حدا كبيرا جدا جدا، لي جار مؤذ والله يا جماعة من كثر ما وصلت به الأذية قام بسرقة الماء من خزان الماء الخاص بي، والله إنه قام بأذيتي بالسحر، وكل يوم والثاني أجد قطا عينه اليسار مقلوعة نائما على باب البيت. ساكن بالبيت لي 10 سنوات عدد القطط اللي أحصيها تنام على باب بيتي أكثر من 50 قطا، وللأسف كلهم عيونهم اليسار مقلوعة. وفي الفترة الأخيرة لقيت (بس) يحاول أن يفتح باب البيت وأروح أفتح الباب لأرى من على الباب، وأجد بس فمه مخيط ويسيل اللعاب والبس يئن ويبكي. كنت محافظا على صلاة الجماعة وإلى الآن. لكن عندما أكون خارج البيت كل ما أنزل إلى المسجد أجد بنته بالحوش بالبنطلون القصير كأنها تعترض طريقي، في كل مرة ذهبت وشكيت عليه عند القاضي على مشاجرة بيني وبينه على سالفة الماء، اتهمني أمام القاضي بأني سببت على الملك، والله عز وجل أخرجني من التهمة الباطلة الكيدية. وغيرها كثير. يا جماعة بلغ السيل الزبى، يا جماعة وصلت به الحال أنه يظنني خائفا منه، وأني لست قادرا على مجاراته. والله العظيم إني قادر على أن أحرقه حرقا هو وأولاده ( حرق بالنار) يا جماعة أكتب لكم من غيظي وقهري لأني إلى الآن ساكت وما فعلت شيئا، والله إن دمعتي بعيني من القهر، طبعا أكتب لكم شكواي وأنا في حالة عصبية مزرية، ولكن مع ذلك مستحمل لأني أقسم بالله لست خايفا إلا من رب العالمين، لكن صبري يوم عن يوم ينفد، وصراحة أقول لكم الذي بقلبي، أنا خايف أن أؤذيه، والله إني أفكر أن أقوم بخطفه وقتله وربي على ما أقول شهيد، وأتحدى من يجبيني أو يثبت علي لكن إلى الآن أنا مستحمل ما ودي أقول من أجل والدي ولا أقول والدتي ولا حق الجيرة لكن والله إني مستحمل مخافة من الله، والله ورقة تكون بيدي وأنا مارق من باب بيته أروح بنيتي أريد أن أرميها على بابه أقول لا حرام ما يصير، طيب لو رميتها من درى أني رميتها وهي ورقة . صبرت وحلمت كثيرا جدا جدا.
أرجو منكم الرد على كيفية التصرف معه لأنه والله لم يبق غير شعرة فقط.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهنيئا لك بكبح جماح غضبك وصبرك، أثابك الله على ذلك، فإن من الأعمال العظيمة التي يؤجر المسلم عليها تجاوزه عما يلاقيه من إساءات الجيران ولا يقابل السيئة بمثلها، بل يصفح ويعفو ويدفع بالتي هي أحسن، ليظفر بمغفرة الله وأجره وعونه ومعيته، ومحبة المخاصم وقربه. فالله يقول: وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. [التغابن:14]. ويقول سبحانه: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. [الشورى:40]. ويقول سبحانه: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ. [فصلت:34-35]
وقد جاء رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عليهم، ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما تقول، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم.
ولا شك أنه قد أساء وظلم من يؤذي جاره الذي وصى الشارع بالإحسان إليه ونهى عن أذاه، ونفى الإيمان عمن لا يأمنه جيرانه فقد قال الله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا {النساء:36}.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه. رواه الشيخان عن عائشة وابن عمر رضي الله عنهم.
وفيهما أيضاً عن أبي هريرة يقول صلى الله عليه وسلم: والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، من لا يأمن جاره بوائقه. وفيهما أيضاً عنه قوله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره.

وأخطر هذا الأذى محاولة سحره، ولكنه لا يجوز اتهام شخص بأنه قد عمل السحر من غير بينة.

وينبغي نصح هذا الجار وتخويفه بالله، فإن انتهى فبها ونعمت، وإلا فيمكن رفع أمره إلى المسؤولين، والاستعانة عليه بالله ثم بكل وسيلة متاحة، وإياك من الاعتداء عليه فضلا عن أبنائه أو أهله الذين لا ذنب لهم، وراجع للمزيد في شأن التعامل مع الجار المسيء وفي الدعوات الواقية من كيده بإذن الله الفتوى رقم :48265، والفتوى رقم: 93473 . وراجع في الطرق الشرعية لعلاج السحر الفتويين: 2244،80694.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني