الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سبب نزول: لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ...

السؤال

هل الآية: "لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ" في القتال فقط أم في كل أمور الدِّين والدنيا؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد وردت هذه الآية في القتال في سبيل الله تعالى، وهي جواب لقوله سابقًا: وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء:74}، فقد قال البغوي في تفسيره: إن النبي صلى الله عليه وسلم واعد أبا سفيان بعد حرب أحد موسم بدر الصغرى في ذي القعدة، فلما بلغ الميعاد، دعا الناس إلى الخروج، فكرهه بعضهم، فأنزل الله عز وجل: (فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ)، أي: لا تدع جهاد العدو، والانتصار للمستضعفين من المؤمنين، ولو وحدك، فإن الله قد وعدك النصرة، وعاتبهم على ترك القتال، والفاء في قوله تعالى: (فَقَاتِلْ) جواب عن قوله (وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) فقاتل، (وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ) على القتال، أي: حضهم على الجهاد، ورغبهم في الثواب، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعين راكبًا، فكفاهم الله القتال، فقال جل ذكره: (عَسَى اللَّهُ) أي: لعل الله، (أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي: قتال الذين كفروا المشركين، و"عَسَى" من الله واجب، (وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا) أي: أشد صولة، وأعظم سلطانًا، (وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا) أي: عقوبة. اهـ.

ولكن الآية وإن كان سبب نزولها ما ذكر، فإنها عامة في كل التكاليف؛ فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما هو مقرر في علم الأصول.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني