الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يكفر من حرم أو حلل بغير علم

السؤال

علمت أن تحليل الحرام وتحريم الحلال كفر فقد أسأل - بضم الهمزه - في بعض الأحيان في بعض الأمور الدينية، فأجيب بأني لا أعلم ولكن في بعض الأحيان يشتبه الأمر فأحلل أو أحرم. قد يكون بعلم بسيط أو بغير علم. فهل بهذا الفعل يكفر الإنسان وهل كفره أكبر؟ وهل تكفي التوبة أم يجب الغسل ونحوه لأنه أتانا شيخ نصحنا وبدأ يخوفنا من هذا الأمر. فأرجو إيضاح الأمر لي مع الشكر. وجزاكم الله خيرا .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أحسنت في قولك عما لا تعلم : لا أعلم، ولا يجوز أن تتكلم في أمر شرعي إلا بعلم يغلب على الظن أنك محق فيه، فإن كان عندك كلام لأحد العلماء أو فهمت من النص الشرعي إباحة أمر فلا حرج عليك، وإلا فلا يجوز أن تحكم بحلية أو تحريم ما دون علم فإن القول على الله تعالى بغير علم من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب، قال الله تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ {الأعراف:33}.

والواجب على الجاهل أن يرجع للعلماء ويسأل عما يشكل عليه. فقد قال الله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ.[ النحل:43]. وقال تعالى : وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ.[النساء: 83]

وأما عن التكفير بما ذكر فاعلم أن التكفير أمر خطير وعظيم، وأنه لا يكفر الشخص المعين إلا بعد استيفاء شروط التكفير وإنتفاء الموانع عنه.

وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية معلقا على آية: اتخذوا أحبارهم ... : فمن أطاع أحدا في دين لم يأذن الله به من تحليل أو تحريم، أو استحباب أو إيجاب فقد لحقه من هذا الذم نصيب كما يلحق الآمر الناهي، ثم قد يكون كل منهما معفوا عنه فيتخلف الذم لفوات شرطه أو وجود مانعه وإن كان المقتضي له قائما، ويلحق الذم من تبين له الحق فتركه أو قصر في طلبه فلم يتبين له، أو أعرض عن طلبه لهوى أو كسل ونحو ذلك. انتهى.
وأما التوبة الخالصة فهي واجبة وتمحو ما قبلها ولو كان شركا ولا يشترط في صحتها الاغتسال. فقد قال الله تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً*إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني